وادٍ واحد ، فإنّه بعد الإجماع على اتّحاد الحكم في الماء الواحد ، تكون المسألتان من وادٍ واحد ، وهو الحكم على الشيء الواحد بحكمين متناقضين ، والسرّ في ذلك هو أنّ الحكم بطهارة ذلك الثوب هو عين الحكم بعدم نجاسته ، والحكم بنجاسته هو عين الحكم بعدم طهارته ، فيكون مؤدّى كلّ من الأصلين مناقضاً لمؤدّى الأصل الآخر ، وهكذا الحال في الغسل والجنابة المتعاقبين ، هذا.
ولكن لا يخفى ما فيه ، فإنّ الطهارة ليست عبارة عن عدم النجاسة وكذلك العكس ، وإلاّ لكانت هذه الأحكام أحكاماً عدمية ، وحينئذ فلابدّ أن يكون المانع من جريان الأصلين في مثل ذلك أمراً آخر غير لزوم التناقض.
__________________
وإنّما كان يصادمه باعتبار تلك اللوازم ، وكان التعبّد بذينك الاحرازين لا يترتّب عليه تلك اللوازم ، لم يكن مانعاً بالنظر العرفي من الجمع بين ذينك الاحرازين ، وإن كان بحسب الدقّة وبعد ترتّب تلك اللوازم مصادماً للتعبّد بذينك الاحرازين ، وحيث كان النظر العرفي متّبعاً في فهم الأدلّة الواردة في الباب كانت تلك المصادمة العرفية في الأوّل مانعة ، بخلاف المصادمة المبنية على الدقّة والتأمّل كما في الثاني ، هذا.
وينبغي النظر فيما أفاده شيخنا قدسسره في أوائل التعادل والتراجيح ، فإنّه قدسسره قد أخرج الأمارتين المعلوم كذب إحداهما عن باب التعارض وجعله من باب اشتباه الحجّة باللاّ حجّة ، وفرّق بينهما وبين الأمارتين القائمة إحداهما على وجوب صلاة الجمعة يومها والأُخرى على وجوب صلاة الظهر بعد الإجماع على أنّه ليس في البين إلاّفريضة واحدة ، فجعلهما من باب التعارض [ راجع فوائد الأُصول ٤ : ٧٠٢ ـ ٧٠٣ ].
والظاهر أنّ الاستصحابين في مثل ما نحن فيه ـ أعني استصحاب النجاسة في كلّ من الاناءين ـ من قبيل القسم الأوّل أعني ما علم بكذب أحدهما ، لأنّ الكلام فيه أعمّ ممّا علم ببقاء النجاسة في أحد الاناءين ، ويشمل ما احتمل ارتفاع النجاسة في كلّ منهما مع العلم بارتفاعها في أحدهما [ منه قدسسره ].