لكن الذي يظهر من الجواهر (١) أنّ المانع من جريان الأُصول هنا هو أنّ الارث لا يكفي فيه مجرّد استصحاب حياة الوارث إلى ما بعد موت المورّث ، بل لابدّ من ثبوت البعدية أعني كون الحياة بعد الموت ، وذلك لا يثبته استصحاب الحياة.
ولكن يمكن المناقشة في ذلك أوّلاً : بانكار اعتبار هذا العنوان الزائد. وثانياً : بأنّه ليس بزائد على استصحاب الحياة إلى ما بعد موت المورّث ، بل هو عين بقاء المستصحب المذكور ، أعني الحياة إلى ما بعد موت المورّث ، فيكون الموضوع مركّباً من الاجتماع الزماني بين هذين العارضين لموضوعين ، أعني موت المورّث وبقاء حياة وارثه إلى ما بعد موته ، والعنوان الزائد الذي نقول إنّ الأصل مثبت بالقياس إليه إنّما هو اتّصاف حياة الوارث بكونها بعد موت المورّث ، أو اتّصاف موت المورّث بكونه قبل موت الوارث ، والظاهر عدم اعتبار أحدهما في تحقّق الارث ، ولتحرير هذه المسألة وتوضيحها ينبغي (٢) أن نفرض لها مثالاً ثمّ نتكلّم فيها على ذلك المثال.
فنقول : إنّه لو مات الأب وابنه ، وكان للأب عشرة دنانير وكان للابن عشرة دراهم ، وكان وارث الأب لولا الابن منحصراً بإخوته ، وكان وارث الابن لولا الأب
__________________
(١) جواهر الكلام ٣٩ : ٣٠٦.
(٢) ينبغي التأمّل فيما لو ولدت الحامل وكانت الولادة بعد موت الزوج ، وحصل الشكّ في تحقّق الحياة والاستهلال بعد الولادة بعد فرض كون الحمل حيّاً في بطن أُمّه قبل الولادة ، فهل يجري استصحاب الحياة إلى ما بعد الولادة ، أو لابدّ من إثبات الحياة والاستهلال بعد الولادة ولو بشهادة النساء والقوابل كما ذكروه في باب إرث الحمل. وهل المسألة من قبيل استصحاب حياة السمك إلى حين أخذه من الماء؟ [ منه قدسسره ].