بالنجاسة ، لأنّ مرتبة الملاقاة سابقة على مرتبة الكرّية ، فيكون محكوماً بالانفعال قبل الوصول إلى مرتبة الكرّية والعاصمية.
قلت : وتوضيح ذلك هو أنّ إلقاء الماء المتنجّس في الماء القليل الطاهر يكون علّة في أمرين ، أحدهما نجاسته والآخر صيرورته كرّاً ، فتكون الكرّية واقعة في مرتبة النجاسة ، فلا يعقل كونها عاصمة ، إذ لابدّ في العاصمية من النجاسة ومانعيتها من تأثير المقتضي ـ الذي هو الملاقاة ـ من كونها سابقة في الرتبة على النجاسة التي هي أثر الملاقاة ، وإن كانت متّحدة معها زماناً.
ومن ذلك يظهر لك الحال فيما لو وقعت النجاسة والكرّية في آن واحد ، فإنّ وقوع هذا النجس ووقوع ذلك المتمِّم في رتبة واحدة ، ومعلول الأوّل هو التنجيس ومعلول الثاني هو الكرّية والعاصمية ، فكما أنّ المتمِّم قد وقع على القليل فأوجب كونه كرّاً ، فكذلك هذا النجس قد وقع على القليل فأوجب نجاسته فكانت النجاسة في رتبة الكرّية ، فلا يعقل كونها مانعة منها.
ومن ذلك يظهر لك التأمّل فيما أفاده المرحوم الشيخ محمّد علي فيما نقله عن شيخنا قدسسره من قوله : هو أنّه يعتبر في العاصمية وعدم تأثير الملاقاة سبق الكرّية ولو آناً ما الخ (١) ، فإنّه قد ظهر لك أنّه لا حاجة إلى دعوى السبق الزماني ، بل المعتبر إنّما هو السبق الرتبي كما حقّقه شيخنا قدسسره (٢) في مسألة الترتّب من أنّ الشرط والموضوع لا يعقل فيهما التقدّم والتأخّر الزماني ، فراجع وتأمّل.
والخلاصة : أنّ معلول الملاقاة التي هي الكرّية لا يعقل أن تكون مانعة من
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٢٨.
(٢) راجع أجود التقريرات ٢ : ٥٩ وما بعدها / المقدّمة الثالثة. وراجع أيضاً فوائدالأُصول ١ ـ ٢ : ٣٤١.