تارك الكبيرة ولكنّه حين ورود الحكم عليه كان تاركاً للصغيرة أيضاً ، ثمّ تبدّل ذلك العدم والترك إلى أنّه قد ارتكب الصغيرة ، فنحن وإن احتملنا مدخلية ذلك العدم فيما هو موضوع الحكم ، إلاّ أنّا نعلم أنّ موضوع الحكم هو مفهوم العدالة ، وإنّما كان حقيقة شكّنا راجعة إلى الشكّ في مفهوم هذا العنوان أعني عنوان العدالة ، ولعلّه لأجل ذلك ينسدّ فيه باب التسامح العرفي باخراج عدم الصغيرة عن الموضوعية إلى العلّية ، إذ لا يتصوّر علّية ترك الصغيرة في الحكم الذي هو قبول شهادته ، وأنّ مدخليته لو كانت فإنّما هي في كونه جزء مفهوم العدالة ، هذا.
مضافاً إلى أنّ عدم الشيء لا يعقل كونه علّة في الحكم ، وهذا الأخير يوجب انسداد باب التسامح في القيود العدمية ، بمعنى أنّا لا يمكننا دعوى التسامح باخراجه عن القيدية إلى العلّية ، لأنّ العدم لا يكون علّة. وأمّا التسامح بجعله حالة لا قيداً في الموضوع ، فهو ممّا لم أتوفّق لفهمه فعلاً ، لأنّ ذلك التسامح العرفي لو تمّ كان موجباً لعدم الشكّ في البقاء.
ومن ذلك يظهر لك التأمّل فيما قال من أنّ العنبية بحسب الفهم العرفي حالة لا قيد في الموضوع ، فإنّه لو تمّ ذلك الفهم العرفي لأوجب ارتفاع الشكّ في بقاء الحكم ، والقول بأنّه وإن كان بحسب لسان الدليل موضوعاً إلاّ أنّه لمّا كان مورداً للتسامح المذكور صحّ لنا الاستصحاب ، فلا يخلو من التهافت ، لأنّه لو كان بحسب لسان الدليل موضوعاً كان ممّا يقطع بزوال الحكم عند زواله ، فلا يبقى شكّ في الارتفاع كي تصل النوبة إلى التسامح العرفي في صدق البقاء.
ومن ذلك يظهر لك الإشكال في الظرف الذي أشار إليه الشيخ قدسسره في الأمر الأوّل بقوله : نعم لو شكّ بسبب تغيّر الزمان المجعول ظرفاً للحكم كالخيار ، لم يقدح في جريان الاستصحاب ، لأنّ الاستصحاب مبني على إلغاء خصوصية