إلى المطالب الدنيوية وتحصيلها ، وطالبها على هذا النحو يسمى داهيا وداهية للمبالغة ، وهو مستلزم للغدر بمعنى نقض العهد وترك الوفاء.
«ألا إن لكل غدرة فجرة» أي اتساع في الشر وانبعاث في المعاصي أو كذب أو موجب للفساد أو عدول عن الحق في القاموس الفجر الانبعاث في المعاصي والزنا كالفجور فيهما ، فجر فهو فجور من فجر بضمتين وفاجر من فجار وفجرة وفجر فسق وكذب وعصى وخالف ، وأمرهم فسد وأفجر كذب وزنى وكفر ومال عن الحق انتهى وربما يقرأ بفتح اللام للتأكيد وغدرة بالتحريك جمع غادر كفجرة وفاجر ، وكذا الفقرة الثانية ، ولا يخفى بعده «ولكل فجرة كفرة» بالفتح فيهما أي سترة للحق أو كفران للنعمة وسترلها ، أو المراد بها الكفر الذي يطلق على أصحاب الكبائر كما مر ، وفي القاموس الكفر ضد الايمان ويفتح وكفر نعمة الله وبها كفورا وكفرانا جحدها وسترها ، وكافر جاحد لانعم الله تعالى والجمع كفار وكفرة ، وكفر الشئ ستره ككفره ، وقال : الخون أن يؤتمن الانسان فلا ينصح خانه خونا وخيانة وقد خانه العهد والامانة.
وأقول : روى في نهج البلاغة عنه صلوات الله عليه : والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ، ولو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ولكن كل غدرة فجرة ، وكل فجرة كفرة ، ولك غادر لواء يعرف به يوم القيامة والله ما استغفل بالمكيدة ، ولا استغمز بالشديدة.
وقال ابن أبي الحديد : الغدرة على فعلة الكثيرة الغدر ، والكفرة والفجرة الكثير الكفر والفجور ، وكلما كان على هذا البناء فهو الفاعل فان سكنت العين تقول رجل ضحكة أي يضحك منه ، وقال ابن ميثم رحمهالله : وجه لزوم الكفر ههنا أن الغادر على وجه استباحة ذلك واستحلاله كما هو المشهور من حال عمرو بن العاص ومعاوية في استباحة ما علم تحريمه بالضرورة من دين محمد صلىاللهعليهوآله وجحده هو الكفر ويحتمل أن يريد كفر نعم الله وسترها باظهار معصيته ، كما هو المفهوم منه لغة وإنما وحد الكفرة لتعدد الكفر بسبب تعدد الغدر.