«تلك المدينة» أي أهل تلك المدينة المغدور بها ، وفي بعض النسخ «ملك المدينة» أي الملك المغدور به أو «على أن يغزو» بصيغة المفرد أي الملك الغادر معهم أي مع المسلمين والباقي كما مر «ولا يأمروا بالغدر» عطف على يغدروا ، ولا لتأكيد النفي أي لا ينبغي للمسلمين أن يأمروا بالغدر ، لان الغدر عدوان وظلم ، والامر بهما غير جائز ، وإن كان المغدور به كافرا «ولا يقاتلوا مع الذين غدروا» أي لا ينبغي لهم أن يقاتلوا مع الغادرين المغدورين ولكنهم يقاتلون المشركين حيث وجدوهم سواء كانوا من أهل هاتين القريتين أو غيرهم ، وفيه دلالة على جواز قتالهم في حال الغيبة «ولا يجوز عليهم ما عاهد عليه الكفار» ومعنى لا يجوز لا ينفذ ولا يصح تقول جاز العقد وغيره إذا نفذ ومضى على الصحة يعني عهد المشركين ، وصلحهم معهم على عزو فريقهم غير نافذ ولا صحيح ، فلهم أن يقاتلوهم حيث وجدوهم أو المعنى أن الصلح الذي جرى بين الفريقين لا يكون مانعا لقتال المسلمين الفرقة التي لم يصالحوا مع المسلمين ، فان الصلح مع أحد المتصالحين لا يستلزم الصلح مع الاخر أو المعنى أن ما صالحوا عليه الكفار من إعانتهم لا يلزمهم العمل به ، فيكون تأكيدا لما مر والاول أظهر.
١٤ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم ، عن ابى الحسن العبدي ، عن سعد بن ظريف ، عن الاصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام ذات يوم وهو يخطب على المنبر بالكوفة : يا أيها الناس لولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ، ألا إن لكل غدرة فجرة ولكل فجرة كفرة ، ألا وإن الغدر والفجورة والخيانة في النار (١).
بيان : في القاموس الدهي والدهاء النكر ، وجودة الرأي والادب ورجل داه وده وداهية ، والجمع دهاة ودهاه دهيا ودهاه نسبه وإلى الدهاء أو عابه وتنقصه أو أصابه بداهية ، وهي الامر العظيم ، والدهى كغني العاقل انتهى (٢) وكأن المراد هنا طلب الدنيا بالحيلة واستعمال الرأي في غير المشروع مما يوجب الوصول
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٣٣٨. (٢) القاموس ج ٤ ص ٣٢٩.