يعرف كونه عدلا بالشرع ، ويمكن أن يكون منسوخا في بعض الازمنة كالقصاص وأرش الجنايات ، ولذلك قال : «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه» وقال : «وجزاء سيئة سيئة مثلها» فسمى ذلك اعتداء وسيئة ، وهذا النحو هو المعني بقوله : «إن الله يأمر بالعدل والاحسان» فان العدل هو المساواة في المكافاة إن خيرا فخيرا ، وإن شرا فشرا ، والاحسان أن يقابل الخير بأكثر منه والشر بأقل منه انتهى. (١)
وقوله عليهالسلام : «إذا عدل فيه» يحتمل وجوها : الاول أن يكون الضمير راجعا إلى الامر أي ما أوسع العدل إذا عدل في أمر ، وإن قل ذلك الامر ، الثاني أن يكون الضمير راجعا إلى العدل ، والمراد بالعدل الامر الذي عدل فيه ، فيرجع إلى المعنى ، ويكون تأكيدا ، الثالث إرجاع الضمير إلى العدل أيضا والمعنى ما أوسع العدل الذي عدل فيه أي يكون العدل واقعيا حقيقيا لا ما يسميه الناس عدلا أو يكون عدلا خالصا غير مخلوط بجور ، أو يكون عدلا ساريا في جميع الجوارح لامخصوصا ببعضها ، وفي جميع الناس لايختص ببعضهم ، الرابع ماقيل : إن «عدل» على المجهول من بناء التفعيل ، والمراد جريانه في جميع الوقايع لا أن يعدل إذا لم يتعلق به غرض ، فالتعديل رعاية التعادل والتساوي ، وعلى التقادير يحتمل أن يكون المراد بقوله : «وإن قل» بيان قلة العدل بين الناس.
٣٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره (٢).
بيان : «رضي به» على بناء المجهول «حكما» بالتحريك تميز أو حال عن ضمير «به» والمعنى أنه يجب أن يكون الحاكم بين الناس من أنصف الناس من نفسه ، ويمكن أن يقرأ على بناء المعلوم أي من أنصف الناس من نفسه لم يجنح إلى حاكم بل رضي أن تكون نفسه حكما بينه وبين غيره والاول أظهر.
____________________
(١) المفردات : ٣٢٥ ، والايات في البقرة : ١٩٤ الشورى : ٤٠. النحل ٩٠.
(٢) الكافى ج ٢ ص ١٤٦.