الوارد من الشارع يحتاج إلى دليل ، فلا خلاف بين المخالف والمؤالف من أصحابنا في تصنيفهم وتقسيمهم في كتبهم الماء ، فإنّهم يقولون : الماء على ضربين : طاهر ونجس ، وقد حصل الاتفاق من الفريقين على تسمية الماء النجس بالماء ، ووصفه بالنجس لا يخرجه عن إطلاق اسم الماء حتى يصير في حكم ماء الورد وماء الباقلاء ، لأنّه لو شربه من حلف أن لا يشرب ماء يحنث الحالف بغير خلاف ، فلو لم ينطلق عليه اسم الماء لم يحنث الحالف.
وأيضا قول الرسول صلىاللهعليهوآله المتفق ، على رواية ظاهرة ، انّه قال : خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غيّر طعمه أو لونه أو رائحته (١) فمنع عليهالسلام من نجاسته إذا لم يتغير ، إلا ما أخرجه الدليل ، وهذا بخلاف قول المخالف والمنازع في هذا الماء.
وأيضا قوله تعالى : ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ) (٢). وهذا عام في الماء المنازع فيه وغيره ، لأنّه لا يخرج عن كونه منزّلا من السماء ، وليس لأحد أن يخصّ ذلك بتنزله من السماء في حال نزوله ، ألا ترى انّ ماء دجلة إذا استعمل ونقل من مكان إلى مكان ، لم يخرج من أن يكون ماء دجلة.
وأيضا قوله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ) (٣). فالواجد للماء المختلف فيه ، واجد لما تناوله الاسم بغير خلاف.
وأيضا قوله تعالى : ( وَلا جُنُباً إِلّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) (٤). فأجاز تعالى الدخول في الصلاة بعد الاغتسال ، ومن اغتسل بالماء المنازع فيه تناوله اسم مغتسل بلا شك.
وأيضا قوله عليهالسلام لأبي ذر رضياللهعنه : إذا وجدت الماء فأمسسه
__________________
(١) مستدرك الوسائل : الباب ٣ من أبواب المياه ، ح ١٠ ، إلا انّ فيه : خلق الله الماء إلخ.
(٢) الأنفال : ١١
(٣) المائدة : ٦
(٤) النساء : ٤٣.