جلدك (١) ، ومن وجد هذا الكر واجد للماء.
وقوله عليهالسلام : أمّا أنا فأحثو على رأسي ثلاث حثيات من ماء ، فإذا أنا قد طهرت. ولم يخص ماء من ماء ، وماء في الخبر منكر ، والنكرة مستغرقة لجنسها ، فالظواهر من القرآن والسنّة التي يتمسك بها على طهارة الكرّ المختلف فيه ، كثيرة على ما ترى جدا.
وأيضا حسن الاستفهام عند المحقّقين لأصول الفقه ، يدلّ على اشتراك الألفاظ بغير خلاف فيما بينهم ، ولا خلاف في أنّ من قال عندي ماء ، يحسن أن يستفهم عن قوله : أنجس أم طاهر؟ وليس كذلك إذا قال عندي ماء للطهارة في أنّه لا يحسن استفهامه ، لأنّ القرينة أخلصته من الاشتراك ، وهو قوله للطهارة. وعلى هذا آية التيمم في قوله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ) المراد به الطاهر لأجل القرينة ، وهي ذكر الطهارة في سياق الآية.
فإن قيل : كيف يكون مثلا نصف كر منفردا نجسا ، والنصف الآخر أيضا نجسا ، فإذا خلطا وبلغا الكر مجتمعا يصير طاهرا؟ وهل هذا إلا عجيب!
قلنا : لا يمتنع أن يكون البعض نجسا إذا كان متفرقا ، وكذلك البعض. الآخر ، فإذا اجتمعا حدث معنى وهو البلوغ والاجتماع ، فتغيّر الحكم عما كان عليه أوّلا ، فيخرجه من النجاسة إلى الطهارة ، فيطهر حينئذ بالبلوغ ، ولهذا أمثلة كثيرة عقلا وسمعا ، فمن ذلك المشرك نجس العين عندنا ، ويخرجه الإيمان عن النجاسة إلى الطهارة.
فإن قيل : إنّ العين على ما كانت عليه؟
قلنا : غير مسلّم ، لأنّ اعتقاد الإسلام والإيمان يمنع من أن يطلق عليها انّها على ما كانت عليه ، إلا أن يراد بالعين نفس الجواهر فهو كذلك ، إلا انّه غير
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل : ج ٥ ، ص ١٤٦ وص ١٤٧.