مؤثّر ، ألا ترى أن عصير العنب قبل أن يشتد حلال طاهر ، فإذا حدثت الشدة حرمت العين ونجست ، والعين التي هي جواهر على ما كانت عليه ، وانّما حدث معنى لم يكن ، وكذلك إذا انقلب خلّا زالت الشدة عن العين وطهرت ، وهي على ما كانت عليه ، وكذلك الحي من الناس المسلمين ، يكون طاهرا في حال حياته ، فإذا مات صار نجسا ، والعين على ما كانت عليه ، ولم يحصل من التغير أكثر من عدم معنى هو الحياة ، وحلول معنى هو الموت ، وإذا جاز أن ينجس العين الطاهرة بعدم الحياة وحلول الموت ، جاز أن يطهر العين النجسة بعدم الكفر ووجود الإيمان على أن الجواهر متماثلة ، والعين النجسة من جنس العين الطاهرة ، وانّما تفارقها بما يحلّها من المعاني والأعراض والأحكام ، فإذا لا مانع شرعا وعقلا أن يثبت للماء النجس متفرقا قبل اجتماعه وبلوغه الكر حكم بعد اجتماعه وبلوغه الحد المحدود ، فالدليل كما يقال يعمل العجب ويزيل الريب.
وأيضا إجماع أصحابنا على هذه المسألة إلا من عرف اسمه ونسبه وقوله : وإذا تعيّن المخالف في المسألة لا يعتد بخلافه.
وأيضا فالشيخ أبو جعفر الطوسي رحمهالله الذي يتمسك بخلافه ويقلد في هذه المسألة ، ويجعل دليلا يقوّي القول ، والفتيا بطهارة هذا الماء في كثير من أقواله ، وأنا أبيّن إن شاء الله أنّ أبا جعفر رحمهالله يفوح من فيه رائحة تسليم المسألة بالكلية ، إذا تؤمّل كلامه وتصنيفه حق التأمل وأبصر بالعين الصحيحة واحضر له الفكر الصافي ، فإنه فيه نظر ولبس ولتفهم عنى ما أقول.
اعلم رعاك الله انّ المقرر المعلوم من مذهب هذا الشيخ الفقيه وقوله وفتياه وتصنيفه الشائع عنه وخلافه فيه وقوله الذي لم يرجع عنه في كتبه ، يكاد يعلم من أصحابنا ، ضرورة أن الماء المستعمل في الطهارة الكبرى ، مثل غسل الجنابة والحيض والاستحاضة والنفاس ، إذا كان البدن خاليا من نجاسة عينية ، بأنّ عنده هذا الماء لا يرفع الحدث ، ولا يجوز استعماله في رفع الأحداث ، وإن كان