حمل عبارة شيخه على إرادة الاستحباب ؛ إذ لا يزيد حكم مال الطفل على أموال البالغين ، وزكاة التجارة غير واجبة عليهم فكيف يجب في أموال الأطفال.
على أنّ « لفظ الوجوب » في كلام الأوائل غير صريح في الوجوب المصطلح ، فكثيرا ما يراد به الندب.
ولا يبعد الحمل المذكور في عبارة المقنع أيضا ، وإن لم يعتبر هناك بلفظ الوجوب ؛ نظرا إلى نصّه أوّلا بأنّه لا يجب الزكاة فيما عدا الأمور التسعة ، فيكون ذلك قرينة على إرادة الندب في المقام.
ومنه يظهر بعد ما يعزى إلى الصدوق من القول بوجوب زكاة التجارة كما سيجيء الإشارة إليه إن شاء الله.
هذا ، ويلوح من الحلي في كتاب الزكاة من السرائر (١) إنكاره لاستحباب الزكاة في المقام.
وبه صرّح في باب التصرّف في أموال اليتامى (٢) معلّلا بأنّه لا دلالة عليه من كتاب ولا سنّة مقطوع بها ولا إجماع ، وأنّه لا يجوز التصرّف إلّا فيما فيه مصلحة لهم ، ولا مصلحة لهم في ذلك.
وقد نفى البعد في المدارك (٣) من المصير إليه ؛ نظرا إلى أنّ ما استدلّ به على الاستحباب غير نقيّ الإسناد ، بل ولا واضح الدلالة.
مضافا إلى الاحتياط حيث إنّه لا مجال لاحتمال الوجوب ، فيدور الأمر فيه بين الحرمة والاستحباب.
وأنت خبير بما فيه ؛ إذ ما ذكره من الطعن في أسانيد الأخبار الدالّة عليه غير ظاهرة ؛ لاعتبار أسانيد جملة من تلك الأخبار سيّما مع اعتضادها بعمل الأصحاب ، وما ذكر من الإجماعات ، وما ذكره من المناقشة في الدلالة بعد ما عرفت فيه. والاحتياط ليس دليلا
__________________
(١) السرائر ١ / ٤٤١.
(٢) السرائر ٢ / ٢١١.
(٣) مدارك الأحكام ٥ / ١٨.