وظاهر أنّ انتقال المبيع إنّما يكون عن مالكه سواء قصد البائع خصوص المالك أو لم يقصده فالإنشاء (١) الصادر عن العاقد هو إنشاء نقل العين عن (٢) المشتري ، وهو الأمر المقصود بالإيجاب والقبول سوى نوى انتقاله عنه أو عن غيره فتلك النيّة أمر زائد على حقيقة العقد ، فإذا أجاز المالك نقل العين إلى المشتري انتقل إليه.
ولا حجّة بكون (٣) الانتقال إليه من المجيز المالك سواء نواه العاقد أو لا.
ومن هنا يظهر أنّه لو كان الفضولي حينئذ من جانب الثمن دون المبيع كما لو باع المالك ماله لزيد بثمن لغيره ، فأجازه مالك الثمن لنفسه لم يصحّ ؛ لعدم قصد الانتقال (٤) حتى يصح بالإجازة ، فيفصل حينئذ بين البيع الفضولي كذلك وشرائه ، وقد يقال بصحّته أيضا بالإجازة بدعوى أنّ حقيقة البيع هو نقل الملك بالعوض أعني المعاوضة الخاصّة.
وأمّا خصوص المنتقل منه والمنتقل إليه فغير مأخوذ في حقيقة العقد الواقع ، وإنّما هو من ضروريات النقل والانتقال ، فلا مانع من أن يختلف المنتقل منه والمنتقل إليه فيما تعلّق به العقد وما تعلّقت به الاجازة.
وفيه : أنّ الفرق بين المقامين ظاهر ؛ لأنّ انتقال العين واقعا لا يكون إلّا عن مالكه وإن قصد العاقد غيره ، وأمّا المنتقل إليه فلا يتعيّن الّا بتعيين العاقد ، ولذا لا يصحّ العقد من دون ذكره في الجملة ، بخلاف المنتقل منه ؛ إذ لا حاجة إلى ذكره أصلا لصحّة العقد مع ترك ذكره بالمرّة وإبهامه بخلاف المشتري ؛ إذ لا يصحّ العقد من دون ذكره ، فإذا اعتبر تعيينه في العقد وقد عيّنه العاقد لم يعقل حصول الانتقال إلى غيره بإجازة ذلك العقد بل افتقر ذلك إلى عقد جديد.
ويمكن أن يقال بالفرق بين المتعاقدين والمالكين الّذين يحصل الانتقال من أحدهما إلى الآخر والّذي يعتبر في تحقق العقد تعيين القابل في الإيجاب ليحصل منه القبول على طبقه ، بل
__________________
(١) في ( د ) : « فالإنشاء ».
(٢) في ( د ) : « إلى ».
(٣) في ( د ) : « يكون ».
(٤) في ( د ) زيادة : « إليه ».