وقال تعالى : ( ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ) (١) .
فلو كان أبو بكر مقصوداً مع الرسول فضلاً عمّا إذا كان وحده ـ لثنّى بالآية وقال : فأنزل الله سكينته عليهما ، مع أنّه أفرد الضمير ، فإذاً أبو بكر لا يدخل في الآية مع النبيّ صلىاللهعليهوآله فضلاً عن أن يكون الضمير راجع له فقط .
وقد حاول الآلوسي دفع هذا الكلام بكلام أطال فيه من دون جدوى أو معنى ، وأتعب نفسه في موطن لا يستحقّ فيه ذلك لوضوح المعنى وظهوره ، من شاء فليراجعه (٢) .
ونضيف إلى ذلك أمراً آخر وهو : إنّ أهل السنّة في آية التطهير وهي قوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٣) ، قالوا بأنّها نازلة في أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآله ؛ لأنّ سياق الآية يتحدّث حولهن وما يلزمهن ، قال تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ) (٤) .
فيستدلّ أهل السنّة بوحدة السياق على نزول الآية في نساء النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ودخول بقية أهل البيت في الآية دخولاً حكيماً ! مع أنّ الآية واضحة في تبدّل الصورة الفنية فيها واللحن الخطابي إذ إنّ سياق الآيات هو سياق نصح وإرشاد وتهديد ، وانتهاء الآية بنون النسوة ، بخلاف آية التطهير فإنّ الكلام فيها تلطيف وأريحية
______________________
(١) التوبة : ٢٦ .
(٢) روح المعاني ٥ / ٢٨٩ .
(٣) الأحزاب : ٣٣ .
(٤) الأحزاب : ٣٢ ـ ٣٤ .