وكذلك قوله : ( لِصَاحِبِهِ ) ليست فيها فضيلة ، فالصحبة قد تكون بين المؤمن والكافر ، قال الله تعالى : ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ ) (١) ، وقال تعالى مخاطباً المشركين : ( وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ ) (٢) ، وقال تعالى في قصّة يوسف مع أصدقائه المشركين : ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ) (٣) .
بل يمكن إطلاق الصحبة بين العاقل وغير العاقل كقوله :
إنّ الحمار مع الحمير مطية |
|
فإذا خلوت به فبئس الصاحب |
فإذاً لفظ الصحبة ليس فيه فضيلة .
وكذلك قوله : ( لَا تَحْزَنْ ) ليس فيه فضيلة ، لأنّ الحزن ليس أمراً حسناً ومرغوباً بلحاظ نهي النبيّ صلىاللهعليهوآله عنه .
وكذلك قوله : ( إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) ليس فيه فضيلة ؛ لأنّه يريد أن ينبهه على أنّ الله تعالى لا يغفل عنهم وهو معهم ، فلا داعي ولا مبرّر للحزن .
وأمّا قوله تعالى : ( فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) فالضمير يعود للنبيّ لئلا يلزم التفكيك بين ضمائر الآية المتقدّمة والمتأخّرة ، فثبت أنّ الآية ليس فيها فضيلة لأبي بكر بتاتاً .
ونقول أيضاً : إنّ السكينة بما أنّها جاءت بلفظ المفرد ، وثبت رجوعها إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله وحده ، فهي إذاً لا تشمل أبا بكر ، وإلّا لو كانت شاملة له لثنّاها الله تعالى كما في الآيات الأُخرى ، كقوله تعالى : ( فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ ) (٤) .
______________________
(١) الكهف : ٣٧ .
(٢) التكوير : ٢٢ .
(٣) يوسف : ٣٩ .
(٤) الفتح : ٢٦ .