للآية ، أو التصوير الفنّي لطرح المسألة ، فهنا النبيّ صلىاللهعليهوآله يخرج من بيته مهاجراً من المشركين ، وهم من خلفه يتّبعوه ويقتفوا أثره ، فليجأ إلى الغار ، ويقتفوا أثرهم إلى الغار ، وهنا يحزن أبو بكر لأنّ المشركين قد أدركوهم ، وتأخذه الرعدة والشدّة والوجد .
وهنا وفي هذه اللحظة يلتفت الرسول إلى أبي بكر مع أنّه متوجّه إلى الله تعالى ، وهو في حالة التوجّه يلتفت إليه ويقول : ( لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) ، ومادام الله معنا فلا معنى للحزن إذاً !
وهنا يأتي الجواب الإلهي والنصر الربّاني فتنزّل السكينة عليه ، أي على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والتأييد الربّاني بجنود من الملائكة يمنعون الكفّار من رؤية الرسول .
فالتصوير الفنّي للقصّة لا ينسجم ويصبح مختلاً إذا أرجعنا ضمير السكينة إلى أبي بكر ، مع غيابه عن القصّة كاملة من أوّلها وإلى آخرها ، وهذا ما ذكره مفسّرو السنّة أيضاً ، فارجع مثلاً إلى : « صفوة التفاسير » ، « روح المعاني » ، « تفسير القرآن العظيم » ، « فتح القدير » ، « تفسير الثعلبي » ، « تفسير فتح البيان في مقاصد القرآن » ، « تفسير البحر المحيط » ، وغير ذلك من التفاسير التي صرّحت أو نقلت بأنّ أغلب رأي الجمهور هو رجوع الضمير إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله .
ويمكن تقرير الدلالة بشكل أوضح فنقول : إنّ الآية المباركة ليس فيها دلالة على فضيلة لأبي بكر بتاتاً ، وذلك إنّ الفضل إن كان في قوله تعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ ) فليس فيه فضيلة ، وإنّما أبو بكر متمّم للعدد واحد ، فالرسول الأوّل وأبو بكر ثانيه فلا فضيلة في ذلك .
ولا فضيلة ـ أيضاً ـ في قوله تعالى : ( إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ) لأنّ ذلك لا يدلّ على أكثر من انضمام شخص إلى آخر في مكان واحد ، وهذا ليس فضيلة ، إذ يمكن اجتماع المؤمن والكافر في مكان واحد .