يأبى ذلك والمؤمنون ، فكيف اجتهد عمر في مقابل النصّ ؟ وقام بإمامة الناس بعد نصّ النبيّ صلىاللهعليهوآله على عدم قبول إمامته للصلاة بالناس .
٢ ـ إنكاره صلىاللهعليهوآله على بعض نسائه وهو في تلك الحالة الشديدة إنكاراً لاذعاً ، وهذا يعني فداحة الفعل وخطورته ، وقوله صلىاللهعليهوآله لهن : « إنّكن صواحب يوسف » (١) ، وهذا التشبيه قال عنه الباجي : « أراد أنّهن قد دعون إلى غير صواب ، كما دعين ، فهن من جنسهن » (٢) .
وقال النووي : « قوله صلىاللهعليهوآله : « صواحب يوسف » أي في تظاهرهن على ما يردن وإلحاحهن فيه ، كتظاهر امرأة العزيز ونسوتها على صرف يوسف عليهالسلام عن رأيه في الاعتصام ... » (٣) .
وإمّا قول من قال بأنّ وجه المشابهة في إظهار خلاف ما في الباطن أو لكثرة الإلحاح فقط ، فذلك الفعل لا يستحقّ هذا التشبيه وهذا التوبيخ ، وأخلاق النبيّ صلىاللهعليهوآله أرفع من أن ينكر على نسائه ويشبههن بنساء عاصيات ، وهو على تلك الحال من عدم استطاعته الخروج للصلاة !! وخصوصاً فإنّ نواياهن وما في الباطن الذي كشفه النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولم تبح به إحداهن أبداً ، إنّما كان نية حسنة وليس منكراً أو معصية ، وإنّما هو أمر مشروع بل مستحبّ .
والمعروف لدى الجميع ، بأنّ صويحبات يوسف لم يكن منهن خلاف على يوسف ، ولا مراجعة له أو إلحاح في شيء ، وإنّما افتتن بأسرهن بحبّه ، وأرادت كلّ واحدة منهن مثل ما أرادت صاحبتها فأشبهن حالهن ، ولهذا التفسير شاهد يدلّ عليه ، وهو عن ابن عباس قال : « لمّا مرض رسول الله صلىاللهعليهوآله مرضه الذي مات فيه ، كان في بيت عائشة ، فقال : « أدعو لي علياً » ، قالت عائشة : ندعو لك أبا بكر ، قال : « أدعوه » ، قالت حفصة : يا رسول الله ندعو لك عمر ، قال :
______________________
(١) صحيح البخاري ١ / ١٦٢ .
(٢) تنوير الحوالك : ١٨٨ .
(٣) المجموع شرح المهذّب ٤ / ٢٤٢ .