« أدعوه » ، قالت أُمّ الفضل : يا رسول الله ندعو لك العباس ، قال : « أدعوه » ، فلمّا اجتمعوا رفع رأسه ، فلم ير علياً فسكت .
فقال عمر : قوموا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فجاء بلال يؤذّنه بالصلاة ، فقال : « مروا أبا بكر يصلّي بالناس » ، فقالت عائشة : إنّ أبا بكر رجل حصر ، ومتى لا يراك الناس يبكون ، فلو أمرت عمر يصلّي بالناس ، فخرج أبو بكر فصلّى بالناس ، ووجد النبيّ صلىاللهعليهوآله من نفسه خفّة ، فخرج يهادى بين رجلين ، ورجلاه تخطّان في الأرض ... ومات في مرضه ذاك عليهالسلام » (١) .
فهذا النصّ للحديث يدلّ قطعاً على حال قوله صلىاللهعليهوآله لهن : « إنّكن صواحب يوسف » ، فطلبه صلىاللهعليهوآله علياً ، وعدم طاعته في ذلك ، وأنّ كلّ واحدة منهن أرادت ما تحبّ وتريد ، لا ما يريده رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أي كلّ واحدة أرادت لنفسها ما أرادت الأُخرى ، وهذا ما صدر من صواحب يوسف .
أمّا ما أوّله أكثرهم من أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أراد صاحبة يوسف لا الصواحب ، وكذلك قال : « إنّكن » وأراد عائشة ، فهو تحريف واضح ، وخلاف للظاهر ، بل يشهد على بطلانه شاهد واضح ، وهو قول حفصة لعائشة بعد هذا القول من النبيّ : والله ما كنت لأصيبَ منك خيراً .
وقال نفس هؤلاء المؤوّلين : لعلّها تذكّرت من عائشة أيضاً مسألة المغافير ، فهذا القول ألا يعني شمولها بقول النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وهل فهمت حفصة منه الإلحاح البريء من الطلب ؟ أم التظاهر وطلب الفضل والاختصاص بخلاف إرادة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله وصرفه عنها إلى ما يُرِدن .
٣ ـ إنكاره صلىاللهعليهوآله لتلك الصلاة ، والاهتمام ببيان ذلك بوسائل متعدّدة على ما كان يعانيه صلىاللهعليهوآله من ثقل ومرض ، فمرّة يسمع عمر يصلّي فيقول : « فأين أبو بكر ؟ يأبى الله ذلك والمسلمون » ، ومرّة يسمع أبا بكر يصلّي ، فيخرج يهادى
______________________
(١) مسند أحمد ١ / ٣٥٦ ، سنن ابن ماجة ١ / ٣٩١ ، شرح معاني الآثار ١ / ٤٠٥ ، المعجم الكبير ١٢ / ٨٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٨ / ١٨ .