أيّ أساس علمي متين ، فإنّ الرواية المزعومة في الموضوع هي مرسلة فلا تكون حجّة ، هذا أوّلاً .
ثانياً : إنّ الرواة المذكورين في الرواية لا يمتلكون المواصفات اللازمة للوثاقة ، فحبيب بن أبي ثابت كان مدلّساً ، ومغموزاً ، ولا يتابع على أحاديثه (١) .
وسفيان الثوري أيضاً كان مدلّساً ، ويكتب عن الكذّابين (٢) ، ثمّ مع هذا هل يبقى أدنى شكّ في كذب الحديث ؟!!
ثالثاً : ورد عن ابن عباس بعدّة طرق ، ما يدلّ على أنّ الآية نزلت في حقّ مطلق المشركين بنحو عامّ ، وأيضاً جاء هذا التفسير الصحيح للآية عن الآخرين (٣) .
وبهذا يظهر القول الفصل في الآية ، ويفنّد مزاعم الكذّابين .
رابعاً : الظهور الأوّلي المتبادر من الآية بغض النظر عن الروايات والتفاسير ـ هو أنّ الفعلين المذكورين في الآية ينهون وينأون على نمط واحد في جهة الإيجاب أو السلب ، فلا يتبادر من الآية أنّ الفعل الأوّل ـ ينهون ـ هو أمر إيجابي ومطلوب ، وفي نفس الوقت الفعل الثاني ينأون مذموم ومردود ، بل الاثنان هما من طبيعة عمل الكفّار في قبال الإسلام والنبيّ صلىاللهعليهوآله ، وهذا ما يؤيّده أيضاً سياق الآيات السابقة عليها ، إذ تصرّح بأنّ موضوع الآية هم الكفّار .
خامساً : إنّ الرواية المزعومة متعارضة مع الأدلّة الصريحة على إيمان أبي طالب ، فيسقط الحديث المذكور عن الحجّية .
______________________
(١) الثقات ٤ / ١٣٧ ، التبيين لأسماء المدلّسين : ١٩ ، تهذيب التهذيب ٢ / ١٥٧ ، طبقات المدلّسين : ٣٧ ، تقريب التهذيب ١ / ١٨٣ .
(٢) تهذيب التهذيب ٤ / ١٠٢ ، الجرح والتعديل ٤ / ٢٢٥ ، طبقات المدلّسين : ٣٢ ، تقريب التهذيب ١ / ٣٧١ .
(٣) جامع البيان ٧ / ٢٢٧ ، أسباب نزول الآيات : ١٤٤ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ / ٤٠٥ ، تفسير القرآن العظيم ٢ / ١٣٢ ، الدرّ المنثور ٣ / ٩ ، تفسير الثعالبي ٢ / ٤٥٤ ، البداية والنهاية ٣ / ١٥٥ ، السيرة النبوية لابن كثير ٢ / ١٣١ .