وحسبك أن تدلّه فليقرأ رسالة الذهبي إليه ، وهي في تكملة « السيف الصقيل » للكوثري ، ولينظر ما قاله الكوثري عنه في كتاب مقالاته .
وإلى هنا تبيّن لك أنّ ما قاله ابن تيمية ليس له عندنا ولا عند غيرنا من بقية المسلمين ـ سوى اتباعه ـ ما يسوى شروي نقير .
والآن عودة إلى ما عابه المسلم السنّي السعودي من إقامة المآتم في المصائب ، وهو غير صائب بل هو خائب ، لأنّا سنذكر له بعض ما لا يسعه إنكاره من مصادره الموثوقة عند أهل السنّة :
فسله أوّلاً : ما رأيه فيما جاء في « صحيح البخاري » في كتاب الجنائز ، باب من جلس عند المصيبة يُعرف فيه الحزن ، وروي في حديث عائشة قالت : « لمّا جاء النبيّ صلىاللهعليهوآله قتل ابن حارثة ، وجعفر ، وابن رواحة ، جلس يعرف فيه الحزن ، وأنا أنظر من صائر الباب ـ شقّ الباب ـ » (١) .
قال القسطلاني في الشرح بعد قوله : « جلس ، أي في المسجد ، كما في رواية أبي داود » (٢) .
وقال ابن حجر : « وفي هذا الحديث من الفوائد أيضاً : جواز الجلوس للعزاء بسكينة ووقار ، وجواز نظر النساء المحتجّبات إلى الرجال الأجانب ... » (٣) .
وسله ثانياً : ما رأيه فيما رواه البخاري في صحيحه أيضاً عن أنس ، قال : « قنت رسول الله صلىاللهعليهوآله شهراً حين قُتل القرّآء ، فما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله حزن حزناً قط أشدّ منه » (٤) .
قال ابن حجر : « قوله : ما حزن حزناً قط أشدّ منه ، فإنّ ذلك يشمل حال جلوسه وغيرها » (٥) .
______________________
(١) صحيح البخاري ٢ / ٨٣ .
(٢) إرشاد الساري ٣ / ٤٢١ .
(٣) فتح الباري ٣ / ١٣٥ .
(٤) صحيح البخاري ٢ / ٨٤ .
(٥) فتح الباري ٣ / ١٣٥ .