على أنّ خروج المواكب قد ثبت تاريخاً أنّه كان من عهد البويهيين في بغداد ، منذ القرن الرابع الهجري ، وكان ذلك العصر يعجّ بأفذاذ العلماء وجهابذة العلم ـ كالشيخين المفيد وابن قولويه ، والشريفين المرتضى والرضي ، والشيخ الطوسي ـ ولم يسمع من أحدهم إنكار ذلك ، بل ورد أنّ الشريف الرضي قدسسره لما ورد لزيارة جدّه الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء ، ورأى جماعة من الأعراب يعدّون ركضاً ، وهم ينوحون ويلطمون دخل في زمرتهم ، وأنشأ في ذلك الحال على البديهية مرثيته الخالدة ، التي لازالت حتّى اليوم تتلى وأوّلها :
كـربـلا لا زلـتِ كربـاً وبلا |
|
مـا لقي عندكِ آل المصطـفى (١) |
إلى أن يقول فيها :
لو رسول الله يـحيى بـعـدهـم |
|
قعد الـيوم عـلـيـهـم للعزا |
ونحن نقول له : أيّها الشريف لقد قعد رسول الله صلىاللهعليهوآله للعزاء عليهم من يوم ولادة الحسين عليهالسلام ، حين هبطت عليه ملائكة الرحمن تهنئه بمولد الحسين عليهالسلام وتعزّيه بما يجري عليه ، وقد تكرّر منهم ومنه صلىاللهعليهوآله أن بكى ، وأخبر أزواجه وأصحابه بمقتل الحسين ، حتّى ورد في حديث لعائشة قالت : فلمّا ذهب جبرائيل عليهالسلام من عند رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج صلىاللهعليهوآله والتربة في يده يبكي ، فقال : « يا عائشة إنّ جبرائيل عليهالسلام أخبرني أنّ الحسين ابني مشهور مقتول في أرض الطفّ ، وإنّ أُمّتي ستفتتن بعدي » ، ثمّ خرج إلى أصحابه فيهم : علي ، وأبو بكر ، وعمر ، وحذيفة ، وعمّار ، وأبو ذر وهو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟
فقال : « أخبرني جبرائيل أنّ مشهور الحسين يقتل بعدي بأرض الطفّ ، وجاءني بهذه التربة ، وأخبرني أنّ فيها مضجعه » (٢) .
٣ ـ وأمّا مسألة زيارة قبورهم عليهمالسلام ، فهي مستحبّة عندنا مؤكّدة الاستحباب ،
______________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٣ / ٢٦٧ .
(٢) المعجم الكبير ٣ / ١٠٧ .