متكلّم لمخاطبه العالم بالمعنى الحقيقي والمجازي ظاهر في نظره في إرادة المعنى الحقيقي ، وفي الأصل المختلف فيه معناه : إنّ الاستعمال الغير المعلوم حاله لا يدلّ للجاهل على حقيقيّة اللفظ في المعنى المستعمل فيه ، وجهة الشبهة في الأوّل إنّما هو الشكّ في حال المتكلّم وفي الثاني الشكّ في حال اللفظ ، ومورد الأوّل هو العالم بحال اللفظ ومورد الثاني هو الجاهل بحاله ، ومستند الحكم بالمجازيّة قبالا للاشتراك ليس هو الاستعمال ، بل امور اخرى من الأصل والغلبة وبناء العرف وجملة من اعتبارات ذوقيّة واستحسانات عقليّة على ما ستسمعها ، فلا تدافع في البين أصلا.
وكيف كان فقد طال التشاجر في هذا الأصل وقوى التنازع والخلاف ، ومع ذلك فقد اختلفت العبارات المتكفّلة لبيانه ونقل الأقوال فيه ، من حيث ضبط تلك الأقوال قلّة وكثرة اختلافا ربّما يوجب اشتباه الحال في بادئ النظر ، لجهات يأتي الإشارة إليها وإلى ما يرفع الاشتباه عنها.
فإنّ منهم من جعل الخلاف في قولين ، كما في شرح الوافية للسيّد الجليل الطباطبائي قدسسره قائلا : والمشهور بين الفقهاء والاصوليّين سيّما المتأخّرين الحكم بالحقيقة مع اتّحاد المعنى المستعمل فيه ، وبالحقيقة والمجاز مع تعدّده.
وذهب السيّد المرتضى وجماعة من القدماء إلى القول بالحقيقة مطلقا وإن تعدّد المعنى ، ومقتضى كلامه قدسسره ظهورا ونصّا في غير موضع عدم وقوع الخلاف فيما لو اتّحد المعنى المستعمل فيه ، بل تكرّر منه دعوى الاتّفاق على الحكم بالحقيقيّة مع الاتّحاد.
وعزى دعواه إلى السيّد رحمهالله في الذريعة (١) إلى العلاّمة في النهاية (٢) بل إلى كافّة الاصوليّين أيضا.
أمّا الأوّل : ففيما ذكره في فصل الأمر ، حيث إنّه بعد ما اختار القول باشتراك
__________________
(١) الذريعة إلى اصول الشريعة ١ : ١٣.
(٢) نهاية الوصول إلى علم الاصول : ... ( مخطوط ).