الأمر بين الوجوب والندب ، قال : إنّه لا شبهة في استعمال صيغة الأمر في الإيجاب والندب معا في اللغة والتعارف والقرآن والسنّة ، وظاهر الاستعمال يقتضي الحقيقة وإنّما يعدل عنها بدليل ، قال : « وما استعمال اللفظة الواحدة في الشيئين أو الأشياء إلاّ كاستعمالها في الشيء الواحد في الدلالة على الحقيقة ».
وذكر ما يقرب من ذلك في جملة كثيرة من المباحث الاصوليّة ، كمبحث المرّة والتكرار ، والفور والتراخي ، وفي مسألة ألفاظ العموم والاستثناء المتعقّب للجمل وغيرها ، حيث بنى فيها على الاشتراك استنادا إلى الاستعمال.
والوجه في استظهار دعوى الاتّفاق من العبارة المذكورة إنّه لولا إنّ اقتضاء الحقيقة بنفس الاستعمال في المعنى الواحد من المسلّمات عند الجميع ، لم يكن في التسوية بين الاستعمال في المعنى الواحد والتعدّد دلالة على ما ادّعاه ، من دلالة الاستعمال على الحقيقة مع التعدّد وظهوره فيها.
وأمّا الثاني : ففي مسألة إنّ الأصل الحقيقة والمجاز خلاف الأصل ، حيث احتجّ على ذلك بالإجماع واستشهد له بما حكى عن ابن عبّاس إنّه قال : « ما كنت أعرف « الفاطر » حتّى اختصم إليّ شخصان في بئر ، فقال أحدهما : فطرها أبي ، أي اخترعها ».
وعن الأصمعي ، إنّه قال : ما كنت أعرف « الدهاق » حتّى سمعت جارية تقول : اسقني دهاقا ، أي ملأ.
قال : فاستدلّوا بالاستعمال على الحقيقة ، ولولا علمهم بأنّ الأصل الحقيقة لما يساغ ذلك ، قال السيّد رحمهالله : وإطلاق كلامه منزّل على صورة اتّحاد المعنى لاشتهار الخلاف مع التعدّد ، واختيار الأكثر ومنهم العلاّمة رحمهالله رجحان المجاز على الاشتراك ، مع أنّ الظاهر من الحقيقة في هذه المواضع الحقيقة المتّحدة.
وأمّا الثالث : ففي مسألة تعارض الأحوال ، حيث إنّهم صرّحوا بأنّ الامور العارضة للألفاظ المخرجة لها عن حدّ الاعتدال الموجبة فيها لحصول الاختلال