ولا زال ذلك ديدنهم من قدمائهم إلى متأخّريهم كما لا يخفى على من له أدنى خبرة بطريقتهم ، انتهى (١).
ومنهم من جعله في أقوال ثلاث كما في الضوابط (٢) :
أحدها : القول بدلالته على الحقيقة مطلقا ، نسبه إلى السيّد وأتباعه.
وثانيها : القول بدلالته على المجاز مطلقا ، نسبه إلى ابن جنّي (٣) القائل بأنّ المجاز أكثر اللغة.
وثالثها : القول بالتفصيل ، فالدلالة على الحقيقة مع اتّحاد المستعمل فيه ، والوقف مع تعدّده ، ونسبه إلى المشهور.
ومنهم من جعله في أربعة أقوال ، كما في القوانين (٤) :
أحدها : دلالته على الحقيقة ، نسبه إلى السيّد رحمهالله.
وثانيها : الدلالة على المجاز ، نسبه إلى ابن جنّي ، قال : وجنح إليه بعض المتأخّرين ، لأنّ أغلب لغة العرب مجازات ، والظنّ يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب ، والظاهر إنّ مراده ببعض المتأخّرين الفاضل المحقّق جمال الملّة والدين في حواشيه على شرح المختصر ، حيث نسب إليه فيها اختيار هذا القول ، لكن ستعرف أنّ كلامه المحكّي عنها غير دالّ عليه لا صراحة ولا ظهورا.
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٤٢ ( الطبعة الحجريّة ).
(٢) ضوابط الاصول : ٤٣ ( الطبعة الحجريّة ).
(٣) ابن جنّي : بكسر الجيم وتشديد النون بعدها ياء ، هو أبو الفتح عثمان بن جنّي الموصلي النحوي المشهور ، كان إماما في علم العربيّة ، قرأ الأدب على الشيخ أبي علي الفارسي ، وقرأ ديوان المتنبّي على صاحبه وشرحه ، وكان في طبقة سيّديّنا المرتضى والرضي ، بل من جملة مشايخ سيّدنا الرضي رضوان الله عليه ، وكان أبوه جنّي مملوكا روميّا لسليمان بن فهد الأزدي الموصلي ، وله من التصانيف المفيدة في النحو كتاب « الخصائص » و « سرّ الصناعة » وغيرهما ، وكانت ولادته قبل الثلاثين والثلاثمائة بالموصل ، وتوفّي يوم الجمعة لليلتين من صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ، ببغداد.
راجع : وفيات الأعيان ٣ : ٢٤٦ ، روضات الجنات ٥ : ١٧٦.
(٤) قوانين الاصول ١ : ٢٩.