الأشعار وكلمات العرب ، ويثبتون المعاني اللغويّة بذلك ، ولا زال ديدنهم ذلك من قدمائهم إلى متأخّريهم ... إلى آخره.
وهذا الوجه وإن قرّره فيما إذا اتّحد المستعمل فيه ، إلاّ أنّه لو تمّ لجرى في المتعدّد أيضا كما لا يخفى.
ويرد عليه ، أوّلا :
إنّه لو تمّ لقضى باعتبار الاستعمال لمجرّد الموضوعيّة لا لكشفه الظنّي عن الحقيقة ، وظهوره فيها كما لا يخفى ، وهو على ما عرفت خلاف مقالة أهل القول بأصالة الإطلاق.
وثانيا : منع كون نظرهم في إثباتها إلى مجرّد الاستعمال ، كيف والمعهود من طريقتهم إنّما هو الأخذ بالتبادرات والترديدات بالقرائن والتنصيصات ونحوها.
ولو سلّم كون نظرهم في بعض الأحيان إلى مجرّد الاستعمال أيضا لا نسلّم كونه لأجل الأخذ به مناطا للحكم ، لجواز كونه لأجل أنّه محقّق لموضوع الحكم الثابت بالملازمة الشخصيّة بين وضع لفظ لمعنى واستعماله فيه ، دون غيره الثابتة بقاطع غير مفيد لتعيين المحلّ وهو المعنى الموضوع له المستعمل فيه.
ولو سلّم كونه أخذا به على أنّه مناط للحكم ، لا يسلّم كونه مطلق الاستعمال بالمعنى المأخوذ في محلّ البحث ، بل هو استعمال بالمعنى المتقدّم في عنوان المقام الأوّل ، الّذي قد عرفت الملازمة فيه بينه وبين الوضع.
ولو سلّم الاستناد منهم إلى مطلق الاستعمال أيضا لا يسلّم كونه على وجه الاتّفاق ، وهو بدونه لا ينفع لجواز كون الاستناد من طائفة منهم بناء على زعم كونه أصلا ـ كما هو المتنازع ـ من باب البناء على أصل فاسد ، كما كان منهم من يستند إلى سائر الاصول الفاسدة من قياس ونحوه.
ومنها : ما اعتمد عليه جماعة منهم الفاضل المتقدّم ذكره (١) فيما إذا اتّحد المستعمل فيه ، من اتّفاقهم على الحكم بالحقيقة في تلك الصورة.
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٤٢ ( الطبعة الحجريّة ).