الاستعمال المجازي والتجوّز في لفظ وارد في الكلام قبالا للاشتراك في لفظ آخر ، كما في قوله تعالى : ( لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ )(١) فإنّ النكاح حقيقة في العقد بلا إشكال ، فلو كان المراد به العقد كان مفاد ظاهر الآية تحريم منكوحة الأب ولو بالعقد الفاسد على الابن.
وهذا في المعقود عليها بالعقد الفاسد خلاف الإجماع ، فلا بدّ إمّا من الإلتزام باشتراك النكاح بين العقد والوطء ، وحمله في الآية على إرادة الواطئ ، أو التجوّز في النهي بإرادة القدر الجامع بين الحرمة والكراهة ، فيتعارض الاشتراك والمجاز بالمعنى المذكور حينئذ ، ونحو ذلك هو الّذي ينبغي أن يراد من المجاز في مباحث تعارض الأحوال.
وربّما يشكل صحّة فرض التعارض بين الاشتراك والنقل وغيرهما من الأحوال الباقية حتّى المجاز بالمعنى المذكور ، فإنّ الاشتراك والنقل من الأحوال العارضة للّفظ من حيث هو ، ومع قطع النظر عن خصوصيّات الاستعمال ، فيقصد بمعرفتهما استعلام حال اللفظ من حيث كونه مشتركا أو منقولا بخلاف البواقي ، فإنّها أحوال عارضة للاستعمال أو اللفظ باعتبار عروض الاستعمال الخاصّ له ، وتقصد بمعرفتها تشخيص مراد المتكلّم.
والأوّل من وظيفة العالم بالاستعمال الشاكّ في حال اللفظ.
والثاني من وظيفة العالم بحال اللفظ الشاكّ في حال الاستعمال.
ولا ريب أنّ تعدّد موضوعي الحالتين يأبى وقوع التعارض بينهما.
وأيضا فإنّا نرى أنّ كلاّ من المجاز والتخصيص والتقييد والإضمار والنسخ ممّا يجامع الاشتراك بل النقل أيضا في الأمثلة الّتي ذكروها لصور التعارض بينه وبينها.
ألا ترى أنّ في مثل قوله تعالى : ( لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ )(٢) يصحّ أن
__________________
(١ و ٢) النساء : ٢٢.