لاحتمال المجاز أيضا ، لئلاّ يعترض عليه بمنع الملازمة بين انتفاء الاشتراك والتزام النسخ ، لجواز نهوض القول الثاني بيانا باعتبار كونه قرينة للتجوّز.
وأمّا الثانية : فكما لو قال : « صلّوا في البيت » ثمّ قال : « طوفوا بالبيت » فإنّ الطواف به صلاة ، وعلمنا بأنّه لم يتجوّز في قوله الأوّل بإيقاف منه أو غيره من القرائن ، فيحتمل حينئذ كون الصلاة ممّا نقلها من معناها الأصلي ـ وهو الدعاء ـ إلى الطواف فيكون هو المراد من أوّل الأمر ، فيكون القول الثاني من باب القرينة المؤكّدة ، أو بقائها على المعنى الأصلي ليكون القول الثاني ناسخا.
والتعارض في الصورتين وإن ورد فرضه في كلامهم مطلقا ، إلاّ أنّه ينبغي تخصيصه بما لم يعلم ورود الخطاب الثاني بعد حضور وقت العمل بالخطاب الأوّل أو قبله ليتردّد بين الناسخيّة والبيانيّة ، ضرورة أنّه لو علم بتأخّر وروده عن حضور وقت العمل بالأوّل تعيّن كونه ناسخا ، لاستحالة تأخير البيان عن وقت الحاجة ، الملازم للإغراء بالجهل. وقضيّة ذلك انتفاء الاشتراك والنقل.
ولو علم بتقدّم وروده على حضور وقت العمل بالأوّل ، تعيّن كونه بيانا أو تأكيدا حذرا عن البداء المحال ، أو الأمر بالقبيح والنهي عن الحسن ، واللازم من ذلك ثبوت الاشتراك أو النقل ، وإلاّ لزم إمّا تجويز النسخ أو تغليط الاستعمال في تقدير ، إذ لا مصحّح لاستعمال اللفظ في الثاني على هذا التقدير ـ كما هو قضيّة جعله كاشفا عن كونه مرادا من اللفظ عن أوّل الأمر ـ سوى الوضع.
وحينئذ فالّذي يتراءى في بادئ النظر بضابطة ما تقدّم من ورود الاصول المحرزة لحال اللفظ ، على الاصول المحرزة لحال الاستعمال ، رجحان النسخ على كلّ من الاشتراك والنقل ، عملا بأصل العدم فيهما ، الوارد على أصالة عدم النسخ المحرزة لحال الاستعمال.
لكنّ الّذي ينبغي أن يقطع به بعد إمعان النظر انعكاس الفرض هنا ، لكون الشكّ في حال اللفظ من حيث الاشتراك أو النقل مع الشكّ في حال الاستعمال من حيث النسخ في الخطاب الأوّل ، مسببّا عن الشكّ في حضور وقت العمل بالخطاب