وقد يكون بحيث علم من الخارج بكون تكليفهم ظاهرا وواقعا هو العمل بالخاصّ ، وإنّما يصحّ ذلك إذا انكشف ـ ولو من ملاحظة ورود الخاصّ ـ قرينة كانت مع العامّ حين وروده أفادت إرادة الخصوص من العامّ واختفت علينا ، فلا إشكال حينئذ في كون ورود الخاصّ من باب التخصيص ، بل الكاشف عن وجود المخصّص مع العامّ.
وقد يكون بحيث علم بكون تكليفهم ظاهرا هو العمل بالعموم وواقعا هو العمل بالخصوص.
وإنّما يصحّ ذلك إذا كانت هناك مصلحة اقتضت إخفاء هذا الحكم إلى زمان ورود الخاصّ ، فيكون وروده حينئذ بالنظر إلى التكليف الظاهري من باب النسخ وإن كان إطلاق النسخ على نحو ذلك لا يخلو عن مسامحة ، وبالنظر إلى التكليف الواقعي من باب التخصيص.
وقد يكون بحيث لم يتبيّن شيء من ذلك وهذا هو محلّ الإشكال ، ومرجعه إلى التعارض بين الظهورات الثلاث ، ظهور العامّ في العموم الأفرادي ، وظهور الخطاب في كون مؤدّاه هو تكليف المخاطبين ظاهرا وواقعا ، وظهوره في دوام ذلك الحكم واستمراره ، وأظهر موارد هذا الإشكال العمومات الواردة في كلام النبيّ صلىاللهعليهوآله أو الوصيّ أو بعض الأئمّة عليهمالسلام المقابلة للخصوصات الواردة بعد انقضاء مدّة عن باقي الأئمّة ، فيدور الأمر فيها بين نسخ الحكم الواقعي عن بعض أفراد العامّ ، أو كشف الخاصّ عن قرينة مع العامّ مختفية ، أو كون المخاطبين بالعامّ مكلّفين ظاهرا بالعمل بالعموم وواقعا بالخصوص المراد من العامّ في الواقع.
لكن احتمال النسخ ينفى ببعده وقلّة وقوعه ، مضافا إلى استلزامه طرح ظهور كلا الخطابين في استمرار مفاديهما من أوّل الشريعة إلى آخرها ، فإنّ النسخ يوجب عدم استمرار حكم العامّ إلى آخر الشريعة ، كما يوجب عدم استمرار حكم الخاصّ من أوّل الشريعة ، إلاّ أن يمنع ظهوره في ثبوت حكمه بالنسبة إلى ما قبل صدوره ، أو يفرض بحيث لم يكن ظاهرا فيه.