الاستعمال المجرّد عن قرينة المجاز يحمل على الحقيقة لأصالة الحقيقة ، وعرف المتكلّم هو الحقيقة عنده فليحمل عليه.
أو باعتبار دورانه بين حقيقتيه ، حقيقته عند طائفة ، وحقيقته الاخرى عند طائفة اخرى.
بتقريب : إنّ الحقيقة هو الاستعمال التابع للوضع ـ كما يرشد إليه قيد الحيثيّة المأخوذة في تعريف الحقيقة ـ ولا كلام في وقوع الاستعمال المفروض تبعا لوضع ، لكنّ الوضع المتبوع مردّد بين ما ثبت للفظ في عرف المتكلّم وما ثبت له في عرف المخاطب ، فالاستعمال على أيّ تقدير وقع على وجه الحقيقة كما هو ظاهر أكثر أطراف المسألة ، وجهان أظهرهما الأخير ، لوضوح عدم كون مبنى عقد المسألة على أنّ المتكلّم هل تجوّز في استعماله أو لم يتجوّز؟
وما عرفت من الحجّة فاسد الوضع ، بل على أنّه هل تبع في استعماله عرف نفسه أو عرف مخاطبه؟ وهو نظير البحث المتقدّم في تعارض العرف واللغة باعتبار اشتباه مورد أصالة الحقيقة الّتي عوّل عليها المتكلّم في إفادة ما في ضميره ، فإنّ هذا الاشتباه قد يتأتّى باعتبار اشتباه حقيقة زمان المخاطبة كما في المسألة المتقدّمة ، وقد يتأتّى باعتبار تعدّد الحقيقة في زمان المخاطبة كما فيما نحن فيه ، فمرجع الاشتباه إلى أنّ أصالة الحقيقة الّتي عوّل عليها المتكلّم والمخاطب في تفهيم المراد وفهمه ، هل هي التابعة لعرف المتكلّم أو التابعة لعرف المخاطب؟
ومن طريق هذا البيان يعلم صحّة ما يلوح من بعض الأعاظم (١) من كون المتنازع فيه ما لو علم السائل باصطلاح المتكلّم ، مع علم المتكلّم أيضا باصطلاح السائل ، لأنّه الّذي يمكن تعويل الطرفين على ما يتردّد بين العرفين من أصالة الحقيقة.
__________________
(١) إشارات الاصول : ٢٠ ( الطبعة الحجريّة ).