المعيّنة ، فدعوى الحقيقة مختصّة بذلك لأنّه مورد التسامح ، لا الزيادة والنقصان بجميع مراتبهما ، وهذا واضح.
واعلم : أنّه قد يتسامح عرفا في غير المقادير ممّا فيه خليط مستهلك من غير جنسه ، فيطلق الاسم على مسمّاه تنزيلا للخليط من جهة عدم الاعتداد به ، لقلّته واستهلاكه منزلة عدمه ، أو كونه من جنس المسمّى كالسمن إذا كان فيه شيء من الدبس ، والحنطة إذا كان فيه شيء من التراب ونحوه ، واللبن إذا كان فيه شيء من الماء ، والماء إذا كان فيه شيء من الطين وما أشبه ذلك ، فالإطلاق بعد التنزيل المذكور يقع على وجه الحقيقة.
ولك أن تقول : إنّ المسامحة في نحو هذه الإطلاقات ليست من جهة أصل المسمّى ، بل هي راجعة إلى الأوزان المضافة إليه من المنّ ونحوه ، لأنّه إذا فرض الخليط لاستهلاكه في جنب المنّ من المسمّى بمنزلة عدمه لنقص المسمّى عن المنّ بمقدار الخليط ، فيكون المسامحة في المنّ من السمن مثلا في إطلاق المنّ عليه لا في إطلاق السمن ، على معنى إنّ السمن المخلوط بشيء من الدبس سمن حقيقة من غير مجاز عقلي فيه ، إلاّ أنّ كونه مقدار المنّ مبنيّ على المسامحة من جهة التنزيل.
ثمّ عن بعض الفقهاء كالإسكافي في تحديد الكرّ ، والشهيد في القواعد التعدّي في المسامحة عن التحديدات العرفيّة إلى التحديدات الشرعيّة ، بدعوى : ابتنائها على التقريب كما عن الأوّل ، أو لصدق الاسم كما عن الثاني ، في سنّ مفارقة الولد في السبع فاحتمل جواز نقصه بيوم أو اسبوع تعليلا بما ذكر.
وربّما جعل نظير ذلك ما عن بعضهم من الحكم بصحّة السجود على القرطاس المكتوب والحجر الّذي يعلوه الوسخ ، التفاتا إلى أنّه يقال في العرف إنّه سجد على القرطاس أو الحجر ، ولا يبعد القول بكونه لازما لمدّعي النقل والحقيقة العرفيّة في المقادير بالنسبة إلى الزائد والناقص.
وتظهر الفائدة في تحديد الكرّ وزنا ومساحة ، ومنزوحات البئر وغلاّت الزكاة