اللغويّة ، فحذف الموصوف واقيم الوصف مقامه ، أو إلى نفس الموصوف المقدّر لدلالة الوصف عليه.
وأمّا ما سبق إلى بعض الأوهام من عود الأوّل إلى النقل ، فمع أنّه لا يلائمه قاعدة المطابقة بين الضمير ومرجعه في التأنيث والتذكير ، لا يساعد عليه لفظ « التفهيم » كما لا يخفى. مع ما فيه من استلزامه التفكيك بين الضميرين ، إذ عود الضمير الثاني أيضا إلى النقل كما ترى مفسد للمعنى.
فما قيل ـ في الاعتراض عليه ـ : بأنّ غاية ما يلزم من ذلك إنّما هو لزوم تفهيم المراد من تلك الألفاظ ، لكون التكليف مشروطا بفهمه ، وهو لا يتوقّف على تفهيم الوضع والنقل ، لحصوله بالبيانات النبويّة ، ليس بسديد ، لابتنائه على الوهم المذكور.
وأمّا ما يقال عليه أيضا : من أنّ هذا الدليل لو تمّ لدلّ على بقائها في المعاني اللغويّة ، إذ تفهيم النقل كما يلزم في المعاني الحقيقيّة يلزم في المعاني المجازيّة إذا كانت مرادة للشارع بلا فرق بينهما.
فمع أنّه فاسد بما نبّهنا عليه من عدم عود الضمير إلى النقل ، لا يتوجّه إليه على كلّ تقدير ، فإنّ تفهيم المراد مع وجود القرينة ـ وإن كان هو المعاني المجازيّة ـ قد حصل بنفس القرينة ، فلا ينكره المستدلّ على أحد تقديري دليله حتّى يعارض بمثله.
فإنّ هذه الألفاظ ـ على هذا التقدير ـ تحمل على المعاني الشرعيّة على تقدير مقارنة القرينة لها ، وإلاّ فعلى اللغويّة فيفوت فائدة النقل الّتي لا بدّ وأن تظهر حال عدم المقارنة ، وحيث لم يحصل تفهيم كون المراد في تلك الحال هو المعاني الشرعيّة الحادثة ، كشف ذلك عن عدم تحقّق النقل حذرا عن اللغويّة.
وتوضيح ذلك : إنّك قد عرفت بما بيّنّاه آنفا ، أنّ نفاة الحقيقة الشرعيّة فريقان :
أحدهما : من ينفي التسمية الحقيقيّة في لسان الشارع ، مع اعترافه بورود التسمية المجازيّة ، الملازم للاعتراف بثبوت المسمّى المحدث الشرعي المغاير للمسمّى العرفي أو اللغوي ، كغير القاضي منهم.