وثانيهما : من ينفي أصل التسمية حقيقيّة ومجازيّة ، ولازمه نفي ثبوت المسمّى الشرعي ، وإنكار الاختراع رأسا كالقاضي.
ولا ريب أنّ الدليل المذكور قابل لأن يقرّر على وجه ينطبق على مذهب القاضي ، كما هو الأظهر ممّا ينساق من عبارته ، وأن يقرّر على وجه ينطبق على مذهب غيره.
وأمّا تقريره على مذهب القاضي ، فبأن يقال : إنّ انكار النقل الّذي يدّعيه أهل القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة ـ المتضمّن قولهم هذا دعويين : ثبوت مسمّى آخر مغاير للمسمّى اللغوي ، وتحقّق النقل بالقياس إليه ـ يتأتّى تارة بإنكار ثبوت أصل المسمّى المغاير.
واخرى : بإنكار صدور النقل من الشارع إليه.
والقاضي إنّما ينكر الأوّل ، بدعوى : إنّه ليس هنا مسمّى آخر مغاير للمسمّى اللغوي حتّى نلتزم بحصول النقل إليه ، وهذا الإنكار كما ترى يؤول بالأخرة إلى إنكار أصل الاستعمال والتسمية في المعنى المغاير ولو مجازا ، فيكون نفي النقل في كلامه من باب السلب في منتفية الموضوع ، فيرجع تقدير المقدّمة الاولى من الدليل إلى أنّه : لو كان هناك مسمّيات اخر غير المعاني اللغويّة ، نقل الشارع هذه الألفاظ إليها ، لفهّمها المخاطبين بها ، وحيث إنّه لم يفهّمهم تلك المسمّيات وإلاّ لنقل إلينا ، كشف ذلك عن انتفائها بالمرّة ، لئلاّ يلزم التكليف بما لم يفهّمه ولم يعلمه المكلّف ، ولزم منه انتفاء النقل بالمرّة ، الملازم لبقاء الألفاظ في كلامه على معانيها اللغويّة.
وأمّا تقريره على مذهب غيره ، فظاهره انّ بين مقدّم المقدّمة الاولى وتاليها واسطة مطويّة ، وهي كون هذه المعاني مرادة من الألفاظ عند تجرّدها عن القرائن ، فيكون التقدير : إنّ هذه الألفاظ لو نقلها الشارع إلى غير معانيها اللغويّة لكانت مرادة منها عند تجرّدها عن القرينة.
أمّا الملازمة : فلأنّ ذلك هو فائدة النقل ـ على ما تقدّم ـ ولو كانت مرادة منها