مع تجرّدها عن القرينة لفهّمها المخاطبين بها ، إذ لولا ذلك لم يتحقّق بينهما ملازمة ، كما لا يخفى.
وعلى هذا التقرير لا يتوجّه إليه السؤال المذكور ، بل هو على التقرير الأوّل أيضا في غير محلّه ، لأنّ ما ذكر عين مطلب المستدلّ ، فلا اعتراض على الدليل من جهته ، لانطباقه على تمام المطلب.
ولعلّ منه الاعتراض على توهّم اختصاصه بمذهب من ينكر النقل فقط ، دون ثبوت المسمّى الآخر.
وكيف كان : فكلماتهم لا تخلو عن الخلط بين التقريرين ، واشتباه المذهبين.
وربّما يقرّر الملازمة الاولى ـ بناء على توهّم اختصاصه بمذهب غير القاضي ـ : بأنّه لولا النقل إليهم لعرى الوضع عن الفائدة ، والحكيم منزّه عنه.
والملازمة الثانية : بقضاء العادة من جهة شدّة الحاجة وتوفّر الدواعي بنقله إلينا ، وفيه أيضا ما لا يخفى من الاشتباه في فهم حقيقة المراد من الدليل ، والغفلة عمّا قرّرناه من توجيه الضميرين.
[٥٣] قوله : واجيب عن الأوّل ... الخ
وتحقيق الجواب عنه على تقريره الأوّل : منع عدم نقل المسمّيات الاخر إلينا ، بتطرّق المنع إلى الملازمة في القياس الأخير ، وسنده ما أسلفناه في دفع مقالة القاضي ، بناء على احتمال كون مراده بما ينفيه من الاستعمال ما يعمّ الاستعمال في لسان المتشرّعة أيضا.
وتوجيهه هنا : إنّ علمنا الضروري من عرف المتشرّعة بأنّه لا يتبادر من تلك الألفاظ عندهم إلاّ ما يغاير المعاني اللغويّة ، بل لا يدرك في استعمالاتهم شائبة من المعاني اللغويّة ، كاف في انكشاف نقل المسمّيات الاخر المغايرة للمعاني اللغويّة إلينا ، وليس علينا بعد ذلك لأن ننظر في أنّ مستند هذا العلم هل هو النقل المتواتر ليقابل بوقوع الخلاف ، أو هو النقل الآحاد ليدفع بعدم إفادته العلم ، أو هو التسامع والتظافر فيما بين المتشرّعة ، أو هو الترديد بالقرائن أو غير ذلك من طرق العلم.