أمّا الأوّل : فلقضائه بعدم كون وظيفة سائر المكلّفين بشيء من أنواعها صلاة على وجه الحقيقة ، لمكان فساد الجميع بالقياس إلى مسمّى اللفظ ، فيصحّ سلب الاسم ، ولا يظنّ عليه أنّه يلتزم بذلك ، مع فساده في نفسه بملاحظة عرف المتشرّعة.
وأمّا الثاني : فلأنّ لفظ « الصلاة » مثلا إمّا أن يكون مقولا على الجميع بالاشتراك اللفظي أو بالاشتراك المعنوي ، والأوّل مع مخالفته الأصل يفضي إلى الاستعمال في الأكثر نحو قوله تعالى : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ )(١) بناء على كون الحكم بالنسبة إلى جميع آحاد المكلّفين مستفادا منه ومن نظائره ، ولا قائل بشيء من ذلك ، حتّى أنّ الصحيحي لا يلتزم به.
والثاني : يستدعي جامعا يكون مسمّى اللفظ متحقّقا مع الجميع ، وهو إمّا أن يكون أمرا مركّبا موجودا في ضمن الجميع ، أو أمرا بسيطا كذلك ، ولا سبيل إلى شيء منه.
أمّا الأوّل : فلأنّ ذلك الأمر المركّب إن اخذ مع الجميع بوصف الصحّة فهو غير معقول ، ضرورة أنّ هذا المركّب في أيّ مرتبة من مراتب التركيب إذا كان صحيحا من مكلّف فهو بعينه فاسد من غيره ، وكلّما هو فاسد في حقّ مكلّف فهو بحيث يمكن أن يكون صحيحا في حقّ غيره بل هو كذلك ، فكلّما يتصوّر كونه القدر الجامع فهو صحيح وفاسد بالاعتبارين.
ألا ترى إنّ الصلاة تماما صحيحة من الحاضر فاسدة من المسافر ، وهي قصرا بالعكس ، والصلاة بلا فاتحة أو بلا سورة أو نحو ذلك صحيحة من الناسي فاسدة من العامد ، وهي عن قعود ونحوه صحيحة من المريض فاسدة من الصحيح ، وبالإيماء للركوع والسجود صحيحة من العاري فاسدة من غيره ، وعلى الراحلة أو ماشيا صحيحة من المتنفّل فاسدة من غيره ، وكذلك صلاة الخوف والغريق والمهدوم عليه والأخرس وغيره.
__________________
(١) الأنعام : ٧٢.