وإن اخذ لا بوصف الصحّة فهو عدول إلى القول بالأعمّ كما لا يخفى.
وأمّا الثاني : فلأنّ ذلك الأمر البسيط لا يعقل إلاّ أن يكون نحو المعنى اللغوي وهو الدعاء ، أو المطلوب ، أو المبرء للذمّة ، أو الناهي عن الفحشاء بالخاصيّة ، والالتزام بالأوّل عدول عن القول بالماهيّات المخترعة إلى الأخذ بالمعنى اللغوي الأصلي فيبطله دليل الخلف ، والبواقي إن اعتبرت بمفاهيمها يلزم المرادفة بين لفظ « الصلاة » وألفاظ هذه المفاهيم.
ويبطله : عدم كون المنساق المتبادر منها في الإطلاقات شيء من مفاهيم هذه الألفاظ ، وإن اعتبرت بمصاديقها عاد المحذور السابق ، إذ المصاديق ليست إلاّ الماهيّات المفروضة المختلفة بحسب اختلاف أحوال المكلّفين.
وقد يذبّ عن الإشكال باختيار الشقّ الأوّل من الترديد الأوّل ـ وهو كون اللفظ بحسب أصل الوضع الشرعي اسما للمركّب التامّ الّذي هو وظيفة من لم يطرئه شيء من جهات الاضطرار ـ ومنع محذور المجاز ، بأنّ المتشرّعة توسّعوا في تسمية غير المركّب التامّ صلاة من حيث حصول ما هو المقصود من المركّب التامّ من غيره أيضا ، فصارت حقيقة عندهم لا عند الشارع ، كما سمّوا كلّ مسكر خمرا وإن لم يكن مأخوذا من العنب ، مع أنّ الخمر هو المأخوذ منه ، ونظيره لفظ « الإجماع » فإنّه في مصطلح العامّة والخاصّة على ما يظهر من تحديداتهم هو اتّفاق الكلّ غير أنّهم لما وقفوا على حصول ما هو المقصود من اتّفاق الكلّ في اتّفاق البعض الكاشف توسّعوا في الإطلاق ، حتّى صار ذلك الاتّفاق أيضا من موارد استعمال اللفظ على وجه الحقيقة عندهم ، فكأنّ مناط التسمية بالصلاة موجود عندهم في غير ذلك المركّب التامّ الجامع ، والوضع فيها نظير الوضع العامّ لموضوع له خاصّ دون الاشتراك اللفظي.
وفيه : مع ما فيه من التكلّف الواضح ومخالفته الأصل ، إنّه يلزم حينئذ أن لا يكون التكليف بوظائف سائر المكلّفين مستفادا من نحو الكتاب والسنّة ، ويلزم أيضا فيما لو ورد في الخطاب كتابا أو سنّة اعتبار شيء في الصلاة جزء كقوله :