للجواز بإطلاق الأمر بالصلاة ، فلا يتقيّد إلاّ بدليل ، وفي مسألة كفاية الخمسة في عدد انعقاد الجمعة ، حيث تمسّكوا بإطلاق الأمر بالسعي في قوله تعالى : ( إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ )(١) لنفي اعتبار الزائد كالسبعة وغيره ، ومسألة عدم اشتراط حضور الإمام ومنصوبه حيث تمسّك أهل القول بالوجوب مطلقا بإطلاق الأمر في الآية ، ومسألة التنفّل في السفر حيث تمسّك القائلون بجوازه بإطلاق أدلّة النوافل والأوامر الواردة عليها ، ومسألة الصلاة في السمجد عند الخطاب بإزالة النجاسة عنه حيث تمسّك القائل بصحّة هذه الصلاة بإطلاق الأمر بها ، قبالا لمن يفسدها تعويلا على اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه الخاصّ المقتضي لفساد العبادة إلى غير ذلك ممّا لا يحصى عددا.
ووجه الاندفاع : إنّ التمسّك به في باب الشروط كالمثال الأوّل مسلّم ، وفي باب الأجزاء غير مسلّم ، وما ذكر من الأمثلة ليس من هذا الباب ولا من الباب الأوّل ، لوضوح الفرق بين إطلاق الأمر وإطلاق المأمور به وما وجد في الموارد المذكورة وغيرها تمسّك بإطلاق الأمر ، التفاتا إلى أنّ العدد وحضور الإمام أو نائبه الخاصّ في مسألة الجمعة ، والحضر في مسألة التنفّل ، وفقد الأمر المضيّق في مسألة الصلاة في المسجد مكان الإزالة ـ على القول باعتبارها ـ من شروط الوجوب لا الواجب ، فيكون الأمر بالنسبة إليها على تقدير عدم مساعدة الدليل على الاشتراط بها مطلقا.
ولا ريب أنّ إطلاق الأمر لا ينافي إجمال المأمور به بالنظر إلى الأجزاء حتّى على القول بالأعمّ ولا بالنظر إلى الشرائط على القول بالصحيحة.
والحاصل : أنّ التمسّك بالإطلاق لم يعهد منهم إلاّ في باب شروط الأمر وشروط المأمور به ، ولا ينافي شيء من ذلك ما ادّعيناه من الإجمال المانع عن الإطلاق بالنظر إلى الأجزاء حتّى على القول بالأعمّ.
__________________
(١) الجمعة : ٩.