ما حصل الاضطرار إليه من أفراد هذا النوع ، إحرازا للظنّ في الحكم الّذي وقع التعبّد بنوعه ، فالعمل عليه حينئذ حاصل على أنّه عمل بالظنّ في الأحكام لا غير.
ولو سلّم فهو داخل في المستثنى المأخوذ مع الأصل المقرّر بالقياس إلى الظنّ في اللغات ، المقتضي لمنع العمل به إلاّ ما خرج منه الدليل ، فهذا الأصل باق على حاله وغير منقطع بانقلابه إلى أصالة الحجّية إلاّ ما خرج بالدليل ، كما هو المتنازع فيه.
ولأهل القول بالحجّية وجوه اخر ، أوضح ضعفا من الوجوه المتقدّمة ، فلا حاجة إلى الإطناب بإيرادها والتعرّض لما يرد عليها ، فهي بالإعراض عنها أحرى ، وينبغي ختم المسألة بإيراد امور مهمّة :
الأوّل : قضيّة ما قرّرناه من الأصل في منع العمل بالظنّ في اللغات ، عدم جواز الاكتفاء بالظنّ في مباحث الألفاظ ، من المسائل الاصوليّة ومبادئها اللغويّة مطلقا ، بل وفي غيرها من المسائل والمبادئ الأحكاميّة بطريق الأولويّة ، سواء رجع البحث فيها إلى إحراز الدلالة وتشخيص الظاهر المستند ظهوره إلى الوضع الحقيقي ، كصيغة « افعل » في الإيجاب ، و « لا تفعل » في التحريم ونظائرهما.
أو إلى الوضع المجازي لقرينة عامّة ، كالأمر الواقع عقيب الحظر في رفع الحظر ، الملازم للإذن في الفعل مطلقا ، والنهي الواقع عقيب الإيجاب في رفع الإيجاب ، الملازم للإذن في الترك مطلقا.
أو لقرينة خاصّة كالعامّ في إرادة الخصوص في العامّ والخاصّ المتنافي الظاهر ، أو إلى العقل الحاكم باعتبار الإطلاق بملاحظة السكوت عن ذكر القيد في معرض البيان ، كالأمر المطلق الظاهر في إرادة الوجوب المطلق ، بل كلّ مطلق في إرادة الإطلاق.
أو إلى ما يلتئم من الوضع الحقيقي والعقل ، كالجملة الشرطيّة الظاهرة في المفهوم ، بمعنى الانتفاء عند الانتفاء ، حيث إنّ المفهوم فيها لا يثبت إلاّ بظهورها في السببيّة التامّة المنحصرة ، الّذي بالنسبة إلى تماميّة السببيّة ينشأ عن وضع الجملة أو