ومنها : كون المراد به خصوص الإطلاق على وجه الحقيقة ، وعليه مبنى توهّم القول المذكور ، لكن يفسده الاستثناء المعلّل بوجوب المضيّ في جانب المستثنى ، فإنّه حكم شرعي لا ملازمة بينه وبين أصل الإطلاق في الحجّ ، ولا كونه على وجه الحقيقة.
أمّا الأوّل : فلأنّ الإطلاق إنّما يثبت لو كان وجوب المضيّ من جهة الأمر الأوّل الوارد بالحجّ وهو محلّ منع ، بل هو من جهة أمر آخر ورد بإتمام الفاسد ، فلا يكشف عن كون المراد بالحجّ الوارد في حيّز الأمر الأوّل ما يعمّ الفاسد.
وأمّا الثاني : فلأنّ الإطلاق أعمّ من الحقيقة ، ووجوب المضيّ لا يلازم الحقيقيّة لعدم كونه من لوازمه ولا من ملزوماته.
ومنها : كون المراد به الإطلاق على لسان الشارع في حيّز الأوامر والطلبات ، كما جزم به جماعة تبعا لبعض الأعلام (١).
وهذا وإن كان يلائمه التعليل الواقع في الاستثناء في الجملة ، بدعوى : إنّ وجوب المضيّ في فاسد الحجّ ممّا يكشف عن كون المراد من لفظه في حيّز الأمر ما يعمّ الفاسد ، لكن قد عرفت منعه ، مع أنّه يبعّده تفريع مسألة الحنث ، لعدم الملازمة بين عدم ورود إطلاق ما عدا الحجّ في حيّز الأوامر على الفاسدة ، وبين كونه كذلك في لسان المتشرّعة في نحو مقام الحلف ، فإنّ أحدهما ليس بلازم للآخر ولا ملزومه.
ومنها : كون المراد به إطلاق المتشرّعة في خصوص مقام الحلف والنذر وغيرهما من العقود والإجارات ، وهذا وإن كان يساعد عليه التفريع ، لكن لا يلائمه الاستثناء ، لجواز جريان ذلك الحكم في لفظ « الحجّ » إذا ورد في نحو هذا المقام ، إلاّ أن يوجّه : بأنّ بناء المتشرّعة في هذه المقامات على مراعاة الرجحان ، ولا رجحان لفاسد غير الحجّ بخلاف الحجّ ، فإنّ فيه رجحانا مّا يكشف عنه
__________________
(١) قوانين الاصول ١ : ٤٧.