وجوب المضيّ فيه ، فإنّه حكم شرعي يتبع رجحانا في متعلّقه ، وهذا الوجه بناء على التوجيه كما ترى أقلّ محذورا من غيره ، وإن كان بعيدا عن مساق العبارة.
وقد يعترض عليه : بناء على حمل العبارة على الوجه الثاني بالنقض بفاسد الصوم ، لوجوب المضيّ في فاسده أيضا ، فينبغي أن يطلق عليه اللفظ أيضا.
ويزيّفه : أنّ وجوب الإمساك عن المفطرات بعد إبطال الصوم ليس من باب الأمر بالصوم ولا إتمامه ، ليستلزم إطلاق الاسم عليه ، وإنّما هو تكليف بالإمساك اللغوي ، ولو سمّي صوما فإنّما هو بهذا الاعتبار لا باعتبار الشرع.
نعم لو اريد دفع الاستدلال بناء على الحمل المذكور بنحو ذلك كان له وجه.
ومن الفضلاء من اعترض على بعض الأعلام ـ الحامل للعبارة على الوجه الثالث ـ بأنّه « إن أراد بالفاسدة ما يكون فاسدا على تقدير عدم تعلّق الأمر به فلا ريب أنّ جميع العبادات فاسدة بهذا المعنى ، وإن اعتبر الصحّة بحسب الواقع فلمانع أن يمنع لزوم تقدّمها على الأمر لجواز إنشائها به.
وإن أراد ما يكون فاسدا بالقياس إلى الأمر المتعلّق به ، فما ذكره في غير الحجّ غير مفيد وفيه غير سديد ، ضرورة أنّ ما تعلّق به الأمر لا يكون فاسدا.
وإن أراد ما يكون فاسدا بالقياس إلى أمر آخر ، فهذا مع بعده عن مساق كلامه لا يساعد عليه تفريع مسألة الحجّ ». انتهى (١).
ومبناه كما ترى على أخذ الصحّة والفساد بمعنى موافقة الأمر ومخالفته ، وهو الّذي أوقعه في الترديد الّذي أخذه في الاعتراض.
وملخّصه : منع إطلاق الحجّ مع فرض وجود الأمر على الفاسد.
وجوابه : إنّ المراد بالفاسد ـ على ما تقدّم في شرحه ـ ما لا يترتّب عليه الأثر المقصود ، بسبب عدم اشتماله على جميع ما له دخل فيه.
ولا ريب أنّ فاسد الحجّ ، وهو بقيّة المناسك المأمور بفعلها فاسد بهذا المعنى وإن أمر به عقوبة أو لحكمة اخرى.
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٥٢.