المشتقّات فإنّها في كلّ من حالتي المصدريّة واسم الفاعليّة على طبق قانون المصادر وأسماء الفاعلين ، فهو يفارق العدل في كون الحالة الثانية المخرج إليها على طبق الأصل فيه دون العدل ، كما أنّه يفارق الإعلال في كون الحالة الاولى المخرج عنها على طبق الأصل فيه دون الإعلال.
وهو لغة افتعال ، إمّا من شقّ الشيء بمعنى فرّقه وقطعه ، أي جعله قطعتين أو قطعات ، أو من الشقاق بمعنى المخالفة ، فهو على الأوّل عبارة عن أخذ شقّ الشيء أي نصفه أو قطعة من قطعاته.
وعلى الثاني عبارة عن أخذ الشيء في الطرف المخالف من الشيء الآخر ، وقد غلّب في عرف العلماء على نسبة مخصوصة حاصلة بين لفظين منبئة عن تناسب بينهما من جهة وتغاير من اخرى ، نظرا إلى اشتمال كلّ مشتقّ باعتبار المادّة والهيئة على جزءين.
أوّلهما : جهة التناسب بينه وبين مبدئه.
وثانيهما : جهة التغاير بينهما ، فإن كان النظر في اصطلاح الاشتقاق إلى الجهة الاولى اعتبر النقل من المعنى الأوّل ، فكأنّ المبدأ بوجوده مع كلّ مشتقّ بتمامه جعل قطعات فأعطى كلّ قطعة ، نظير حصص الكلّي الموجودة في ضمن أفراده ، وإن كان إلى الجهة الثانية اعتبر النقل من المعنى الثاني.
وعلى أيّ تقدير فيعتبر في صدق هذه النسبة الّتي عليها مدار الاشتقاق وإطلاق اسم المشتقّ عندهم امور :
منها : أن يتناسب اللفظان في اصول حروفهما وترتيبها تقديما وتأخيرا ، فلا اشتقاق في نحو « القعود » و « الجالس » و « الجلوس » و « القاعد » واحترزنا بالاصول عن الحروف الزائدة الّتي لا يجب فيها مراعاة التناسب ، وهي العشرة المعروفة الّتي يجمعها « هم يتساءلون » أو « سئلتمونيها » فلا يقدح المخالفة فيها.
والمراد بحصول التناسب في اصول الحروف والترتيب حصوله بحسب أصل اللغة ، فلا يقدح طروّ المخالفة لعارض ، لئلاّ ينتقض بالاشتقاق الكبير والأكبر.