أحدها : أن يراد منه الذات المتّصفة بالمبدأ في الزمان المستقبل ، على وجه اعتبر كونه ظرفا للاتّصاف ووجود المبدأ وجزءا للمستعمل فيه.
وثانيها : هذه الصورة مع عدم اعتبار الزمان جزءا.
وثالثها : هذه الصورة مع اعتباره ظرفا لوجود المبدأ فقط.
ورابعها : أن يراد به الذات الغير المتلبّسة بعلاقة ما يؤول ، وهذا هو أظهر فروض استعماله فيمن لم يتلبّس بعد بالمبدأ ، المحكوم عليه في كلامهم بكونه مجازا.
وربّما يفرض ذلك على وجه يكون من باب المجاز بالمشارفة.
وتوضيح الفرق بينهما : إنّ الشيء قد يطرئه حالتان وهو باعتبار إحداهما مسمّى للفظ دون الاخرى ، لكنّهما بحيث يلزم في الغالب من حضور إحداهما في الذهن حضور الاخرى لما بينهما من العلاقة ، باعتبار خروج ذلك الشيء عن إحداهما إلى الاخرى ، أو انقلاب إحداهما إلى الاخرى ، وظاهر انّ هاتين لا بدّ فيهما من زمانين قد يحصل بينهما أيضا مناسبة باعتبار مقاربة أحدهما لصاحبه ، فإن كان الاعتماد في الاستعمال على ملاحظة المناسبة بين الحالتين من دون نظر إلى الزمانين وما بينهما من المناسبة فهو المجاز بعلاقة الكون ، إن كان اللفظ موضوعا للشيء باعتبار الحالة الاولى واستعمل فيه باعتبار الحالة الثانية ، كما في قوله تعالى : ( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ )(١) أو بعلاقة الأول إن كان اللفظ موضوعا له باعتبار الحالة الثانية واستعمل فيه باعتبار الحالة الاولى ، كما في قوله تعالى: ( أَعْصِرُ خَمْراً )(٢) بالقياس إلى العصير العنبي ، ضرورة أنّ إطلاق الخمر على العصير ليس بملاحظة أنّه في المستقبل يصير خمرا بل بملاحظة انقلابه إليه ، الموجب لتصوّر الخمر عند تصوّر العنب وبالعكس ، وإن كان الاعتماد على المناسبة بين الزمانين فهو المجاز بالمشارفة.
ومن هذا الباب إطلاق « ينام » في صحيحة زرارة السائل بقوله : « الرجل ينام وهو على وضوء أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء » بناء على أحد وجهيه.
__________________
(١) النساء : ٢.
(٢) يوسف : ٢٦.