ومن الأعلام من زعم مجازيّة المشتقّ فيمن لم يتلبّس بعد من هذا الباب ، قائلا في حواشيه على كتابه : إطلاق « ضارب » في الحال على من يتلبّس به في الاستقبال لم يلاحظ فيه المناسبة بين المتلبّس والغير المتلبّس ، كما في الخمر والعنب ، بل لوحظ فيه المناسبة بين الزمان الحاصل فيه الضرب لمن قام به ، والزمان الّذي لم يحصل فيه ، فاستعمل اللفظ الدالّ على الذات باعتبار حصول الضرب في زمان التلبّس ـ وهو الاستقبال ـ في الذات الغير المتلبّس في الحال. انتهى (١).
ويمكن منعه : بأنّ الظاهر من كلام القوم وأمثلتهم في المجاز بالمشارفة اختصاصه بما أخذ في وضعه الزمان ، كالفعل المستقبل مثلا ، فلا يجري في نحو اسم الفاعل ، كيف لا والمعتبر في المجاز ملاحظة العلاقة بين الموضوع له والمستعمل فيه.
وكيف كان : فلا ينبغي التأمّل في أنّ استعمال المشتقّ في القدر المشترك بجميع وجوهه الثلاث المذكورة مجرّد فرض وتجويز عقلي ، لوضوح إنّ هذا النحو من الاستعمال ـ مع كون المستعمل فيه الأمر الملحوظ على الوجه العامّ كما هو المفروض ـ غير متحقّق بحسب الخارج في استعمالات المشتقّ ، بل المتحقّق إنّما هو وقوع الاستعمال في الخصوصيّات ، فلا وجه للنظر في الحقيقيّة والمجازيّة بالنسبة إلى استعمال غير واقع في الخارج.
ولا ينافيه كون القول بحقيقيّة المشتقّ فيما انقضى عنه المبدأ باعتبار كونه حقيقة في الأمر العامّ المشترك بين الماضي والحال ، بعد ملاحظة كون المشتقّات موضوعة بالوضع العامّ للموضوع له الخاصّ ، والمفروض أنّ الاستعمال يتبع الوضع ، فيكون الاستعمالات الواقعة بالنسبة إلى وجوه القدر المشترك لمكان وقوعها على الخصوصيّات غير خارجة عن صور استعمالات الماضي فقط
__________________
(١) قوانين الاصول ١ : ٧٥ في ذيل قوله المشتق ... ومجاز فيما لم يتلبّس بعد سواء اريد بذلك إطلاقه على زمن يتلبّس بالمبدأ في المستقبل ... الخ.