والمستقبل في آخر ، فإنّ الاتّصاف مع الفرض المذكور لا بدّ له من ظرف زماني وهو إمّا ما بعد زمان الحال المأخوذ ظرفا لوجود المبدأ فيدخل في صور الماضي ، بمعنى المنقضي عنه المبدأ ، أو ما قبله فيدخل في صور المستقبل بمعنى الغير المتلبّس بالمبدأ بعد [ فيتحقّق الصور المتقدّمة ](١).
فيبقى لكلّ من الماضي والمستقبل صورتان كما يبقى للحال صورة واحدة وقد نقلوا الاتّفاق على كونه مجازا في المستقبل بعد نقلهم الاتّفاق على كونه حقيقة في الحال ، وخصّوا الخلاف بالماضي ، وشمول الخلاف لكلّ من صورتيه كشمول الاتّفاق على مجازيّة المستقبل لكلّ من صورتيه مبنيّ على تحقيق معنى الحال في قضيّة الاتّفاق على الحقيقيّة فيه ، والنظر في أنّ المراد به هل هو حال النطق كما زعمه بعضهم ، فمرجع دعوى الاتّفاق حينئذ الى دعوى كونه حقيقة في الذات المتّصفة بالمبدأ الموجود في زمان النطق ، على أن يكون هذا الزمان ظرفا للوجود والاتّصاف معا ، فيكون الخلاف والاتّفاق على المجازيّة عامّا للصورتين معا ، أو هو حال الاتّصاف والنسبة ، وهي الّتي يقصد المتكلّم إفادتها ، كما جزم به جماعة من الفحول وغير واحد من أساطين أهل الاصول ، فمرجع الدعوى حينئذ إلى أنّه حقيقة في الذات المتّصفة بالمبدأ الموجود حال الاتّصاف وهو أعمّ من الأوّل كما عرفته غير مرّة ، فيختصّ الخلاف والاتّفاق على المجازيّة بصورة واحدة.
ويظهر الثمرة في « زيد كان قائما بالأمس ، أو يصير قائما غدا » أو في مثل « أكرمت قائما » أو « سأكرم قائما » إذا كان المراد « بالقائم » من له الوصف حال الإكرام لا حال النطق ، فإنّ الأوّل من كلّ من المثالين يدخل في محلّ الخلاف على المعنى الأوّل ، ويخرج عنه على المعنى الثاني ، كما أنّ الثاني من كلّ من المثالين يدخل في محلّ الوفاق على المجازيّة على المعنى الأوّل ، ويخرج عنه على المعنى الثاني ، ومن هنا يعلم أنّه يتفرّع على الخلاف المذكور في معنى الحال
__________________
(١) هكذا يقرأ في نسخة الأصل.