ووافقه على ذلك غير واحد فعمّموا النزاع ، بل ربّما قيل بعمومه للجوامد أيضا ، لجواز أن ينازع في نحو « الرجل » و « الماء » و « النار » و « الحجر » وغيره في اشتراط بقاء الرجوليّة والمائيّة والناريّة والحجريّة في صدقها وعدمه.
وربّما يستظهر ذلك من جماعة من فقهائنا كالعلاّمة (١) وفخر المحقّقين (٢) وغيرهما كما يستظهر ذلك ممّا ذكروه في باب الرضاع ، من أنّ رجلا لو أن له ثلاث زوجات إحداهنّ صغيرة ، فأرضعتها إحدى الكبيرتين ، فإنّهما حينئذ بانتا معا ، لصيرورة الصغيرة بنتا رضاعيّة للزوج والكبيرة امّا رضاعيّة للزوجة ، فيشملهما عموم ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ ) ـ إلى قوله ـ ( وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ )(٣) ثمّ إنّه لو أرضعتها الكبيرة الباقية فهل يوجب ذلك خروجها أيضا بائنة أو لا ، فعن شبرمة القول بالبينونة أيضا.
وفي رواية إنّ الإمام عليهالسلام ردّه فحكم بعدم البينونة ، لكنّها غير مقبولة لدى الأصحاب لبنائهم في المسألة على البينونة.
وعلّله بعضهم بأنّ المشتقّ لا يشترط في صدقه بقاء المبدأ ، ويشكل هذا التعليل تارة : بعدم دخول الزوجة عندهم في عداد المشتقّات لينطبق عليه التعليل المبنيّ على القول بعدم اشتراط بقاء المبدأ في صدق المشتقّ.
واخرى : بأنّ الحرمة في الآية إنّما علّقت على « امّهات النساء » والصغيرة بعدما بانت لا يصدق عليها عنوان « النسائيّة » حتّى يندرج بذلك الزوجة المرضعة في عنوان « امّهات النساء ».
ومدفع الإشكالين تعميم نزاعهم في بحث المشتقّ بحيث يشمل الجوامد فيندرج اللفظان حينئذ في العنوان الّذي ينطبق عليه التعليل.
وكيف كان : فلو تحقّق هذا قولا فما أبعد بينه وبين ما عرفته من التخصيصات ، والإنصاف : إنّ التعميم المذكور مع ما عرفته من التخصيصات ـ ولا سيّما ما عرفته
__________________
(١) انظر ايضاح القواعد : ٣ : ٥١.
(٢) المصدر السابق.
(٣) النساء : ٢٣.