من شارح الشرح ـ واقعان في طرفي الإفراط والتفريط ، فإنّ بعض التخصيصات وإن كان ربّما يساعد عليه تمثيلات المسألة ، غير أنّه يدفع الجميع ما ذكروه في ثمرات المسألة من كراهة الوضوء والغسل بالماء المشمّس ، وكراهة غسل الميّت بالماء المسخّن الواردتين في النصوص وعدمهما بعد برودة الماء ، فإنّ المشمّس والمسخّن ليسا من اسم الفاعل ولا أنّ مبدءهما من الحدوثيّات (١) مع طريان الضدّ الوجودي وهو البرودة على المحلّ.
هذا لكنّ الإنصاف : انّ بعض التخصيصات المذكورة ليس ببعيد ، بل هو ـ على ما سنقرّره في مطاوي تحقيق المسألة ـ ممّا لا محيص عنه ، وعليه فالثمرة المذكورة ونظائرها لعلّها ليست في محلّها.
وأمّا التعميم بالقياس إلى الجوامد ففساده أوضح من أن يوضح ، لعدم معقوليّة جريان النزاع في الجوامد أمّا أوّلا : فلأنّ مداليل الجوامد ذوات ملحوظة في لحاظ الوضع من حيث هي هي ، وعناوين واقعيّة صدق ألفاظها على مواردها في المحاورات منوط بضرورة من العرف واللغة بتحقّق تلك العناوين فيها ، وبدونه يستحيل صدق ألفاظها على وجه الحقيقة ، بل يصحّ سلبها بالضرورة.
ألا ترى أنّ الماء والنار والحجر والشجر وغيرها إذا زال عنها عنوان المائيّة والناريّة والحجريّة والشجريّة لا يصحّ إطلاق ألفاظها بعنوان الحقيقة ، كيف وهو يوجب صحّة سلب الاسم عرفا ، ومعه كيف يعقل الصدق العرفي الّذي هو المعيار في عنوان قولهم : « لا يشترط بقاء المبدأ في صدق المشتقّ ».
وأمّا ثانيا : فلأنّ النزاع ـ على ما قرّرناه ـ راجع إلى اعتبار اتّحاد زماني وجود المبدأ والنسبة المأخوذة بينه وبين الذات ، فهو مبنيّ على كون معنى اللفظ باعتبار الوضع ممّا اعتبر فيه تركيب اخذ من جهته ذات ووصف ونسبة بينهما ، لينظر في اعتبار اتّحاد زماني وجود الوصف والنسبة.
__________________
(١) كذا في الأصل.