فإنّه ممّا لا وجه له إلاّ عدم تحقّق الارتباط الواقعي الّذي هو مناط الصدق الحقيقي.
وأمّا الثاني : فالكلام فيه لجهتين :
الجهة الاولى : النظر في مدخليّة ما احتمل كونه علّة مبقية للنسبة المتحقّقة بحسب نفس الأمر ، وهو بقاء المبدأ وعدمه.
فالإنصاف ومجانبة الاعتساف في ذلك يقتضي الالتزام بالعدم ، لما ندركه بضرورة الوجدان ، أو شهادة العيان من بقاء الارتباط الواقعي بين الذات والمبدأ الداخل في ظرف الخارج ، المأخوذ منه المشتقّ حال انقضاء المبدأ ما لم يرفعه رافع.
ألا ترى أنّ زيدا إذا قتل عمرا فهو على ما يدرك بالوجدان باق على الارتباط الحاصل بينه وبين قتل عمرو حيثما يتصوّر معه.
وأيضا ندرك من الإرتباط بينهما بعد انقضاء المبدأ ما لا ندركه قبل وجوده ، بل ندرك خلافه ، فيكون إطلاقه عليه لمجرّد ذلك واردا على وجه الحقيقة ، لصحّة تكذيب من أنكره الّتي هي في معنى عدم صحّة السلب ، وتوهّم كونه مجازا بدليل صحّة السلب التفاتا إلى صحّة القول : « بأنّه ليس بقاتل الآن » يدفعه : ما سنقرّره.
الجهة الثانية : النظر فيه باعتبار مدخليّة ما احتمل كونه رافعا لها ، وهو الوصف الطارئ على المحلّ وعدمها ، فالحقّ أنّ لعدم طروّ الوصف الوجودي دخلا في بقائها لكون طروّه رافعا لها ، على ما ندركه بضرورة الوجدان من تبدّل الارتباط الأوّل الحاصل بين الذات وبين المبدأ الأوّل بارتباط آخر بينها وبين الوصف الطارئ بمجرّد طروّه ، كما في اليقظان إذا صار نائما وبالعكس ، ومن ينكره فقد كابر وجدانه.
والمراد بالوصف الطارئ حالة منافية للمبدأ ، طروّها على الذات يلازم زوال المبدأ ، وهي مبدأ لمشتقّ آخر مأخوذ منها ، فنحو « العالم » و « الجاهل » و « الحيّ » و « الميّت » و « البصير » و « الأعمى » و « المتحرّك » و « الساكن » من المشتقّ الّذي لمبدئه وصف وجودي ، بخلاف نحو « ضارب » و « قاتل » و « آكل ».