وليس لمتوهّم أن يتوهّم أنّ ما ذكرناه من إناطة بقاء الارتباط بعدم طروّ الوصف الوجودي رجوع عمّا اخترناه أوّلا ـ من مذهب الأكثر ـ إلى القول بالفرق في اشتراط البقاء بين ما طرء على المحلّ وصف وجودي وغيره ، إذ لم يظهر من الأكثر اختيار ما ينافي ذلك ، بل الظاهر انطباق ما اختاروه عليه ، لوضوح الفرق بين عدم صدق المشتقّ لأنّ بقاء المبدأ شرط والشرط غير موجود ، وبين عدم صدقه لأنّ الوصف الطارئ رافع للارتباط الواقعي الّذي هو مناط الصدق والرافع موجود ، والأكثر إنّما ينكرون القضيّة الاولى وهو لا ينافي الاعتراف بالقضيّة الثانية ، بل الواجب اعترافهم بها ، فإنّ الإذعان بالصدق مع ارتفاع ما اخذ في الوضع من الارتباط الواقعي ممّا لا يظنّ بجاهل فضلا عن العلماء المحقّقين.
نعم إنّما يتّجه ذلك الإذعان لو كان مستنده منع دخول الارتباط في الوضع ، أو منع ارتفاعه بطروّ الوصف المنافي على تقدير صحّة المستند ، إلاّ أنّه مقطوع بعدم صحّته ، فإنّ أوّل المنعين إنكار لما علم من العرف واللغة بالعيان ، كما أنّ ثانيهما مكابرة للوجدان.
ومن هنا يمكن أن يؤخذ ذلك وجها لتصديق من خصّ النزاع بغير ما طرء المحلّ ضدّ وجودي كما تقدّم عن الشهيد (١) وغيره (٢) لعدم معقوليّة القول بالحقيقة فيما انتفى عنه المعنى المأخوذ في الموضوع له.
فتلخّص من جميع ما قرّرناه : أنّ المعتبر في صدق المشتقّ بعد وجود المبدأ بقاء ما اخذ في وضعه باعتبار الهيئة ، وليس إلاّ الذات مع الارتباط الواقعي ، مع زيادة عليهما في بعض أنواعه كاسم التفضيل على ما ستعرفه ، من غير دخل في بقائهما لبقاء المبدأ ، وإن كان بقاء الارتباط منوطا بعدم طروّ ما يرفعه من الوصف الوجودي ، ولا نعني من عدم اشتراط بقاء المبدأ إلاّ هذا.
ومن هنا يعلم كون إطلاق اسم الزمان بعد انقضاء الزمان الواقع فيه المبدأ على
__________________
(١) تمهيد القواعد : ٨٥.
(٢) المحصول ١ : ٨٦.