من غير مخالف ولا نكير ، وإن كان المراد بالأوّل خصوص الطهر على ما اتّفق عليه الفقهاء وبالثاني خصوص الإدبار كما عن الفرّاء حكاية إجماع المفسّرين على التفسير به.
وإنّما اقتصرنا في إثبات الوقوع المقيّد على هذين اللفظين وفاقا لغير واحد مع أنّ « العين » أيضا كما في الآيتين المتقدّمتين من هذا القبيل سدّا لباب احتمال التواطي والحقيقة والمجاز والنقل ، لكون المعنيين في كلّ منهما من الأضداد فلا يعقل بينهما جامع حتّى يحتمل التواطي ، ولا علاقة مصحّحة حتّى يحتمل المجاز ، ولا مناسبة معتبرة حتّى يحتمل النقل ، فلم يبق إلاّ الاشتراك ، وإنكار تعدّد المعنى فيهما ليكونا من المتّحد المعنى تكذيب لأئمّة اللغة ، بل مصادمة لما هو في المعلوميّة بالسامع والتظافر كالبديهة.
وقد يستدلّ على الاشتراك فيهما أيضا كما في المنية ، بأنّ السامع إذا سمعه لم يبادر ذهنه إلى أحد المعنيين بعينه ، ولا إلى أمر مشترك بينهما ، بل يبقى متردّدا بينهما إلى أن يحصل قرينة تدلّ على تعيين أحدهما ، وذلك آية الاشتراك إذ لو كان متواطيا لبادر الذهن إلى فهم المشترك بينهما ، ولو كان حقيقة ومجازا لبادر إلى فهم المعنى الحقيقي منهما دون المجازي عند التجرّد عن القرينة ، ولو كان منقولا عن أحدهما إلى الآخر لبادر إلى فهم المنقول إليه دون المنقول منه ، فلم يبق إلاّ أن يكون مشتركا بينهما ، فإذا ثبت الاشتراك فيهما ثبت وقوع المشترك في القرآن المجيد لوقوعهما فيه. انتهى (١).
وهذا إن لم ينهض حجّة مستقلّة يصلح مؤيّدا لا محالة.
احتجّ المانع من وقوعه فيه ـ على ما في النهاية (٢) ـ بأنّ المقصود منه إمّا أن يكون هو الإفهام أو لا ، والثاني باطل لكونه عبثا ممتنعا على الحكيم.
وعلى الأوّل : فإمّا أن يوجد معه القرينة الدالّة على معانيه أو لا ، والأوّل
__________________
(١) منية اللبيب في شرح التهذيب : ( مخطوط ).
(٢) نهاية الوصول إلى علم الاصول : ( مخطوط ).