كثير طائل ، فإنّ كلّ ما ذكروه من الصور على ما يرشد إليه التأمّل الصادق خارجة عن معقد البحث في استعمال المشترك في أكثر من معنى ، لما أخذ فيه من حيثيّة ـ حسبما ذكرناه ـ تأبى كونها من معقد البحث.
نعم لا نضائق كون كلّ ما فرض ممّا عدا ذلك مسألة اخرى خارجة عن عنوان مسألة استعمال المشترك في أكثر من معنى ، ولعلّنا بعد الفراغ عن المسألة واختيار المذهب فيها نتكلّم في بعض هذه الصور أو كلّها ، استعلاما لحكمها من الجواز وعدمه.
ثمّ إنّه لا فرق في المعنى المذكور من الاستعمال في معنيين بين مفرد المشترك وتثنيته وجمعه عند القائل بالجواز في الكلّ أو في الأخيرين خاصّة ، إذ كما يطلب من « العين » في قوله : « رأيت عينا » أو « ائتني بعين » إفادة الذهب والفضّة على أن يكون كلّ منهما موردا للحكم أو مكلّفا به على حدة ، فكذلك من « العين » في قوله : « رأيت عينين » أو « إئتني بعينين » ويقصد بالعلامة الإشارة إلى اثنينيّة المراد والمستعمل فيه بلا فرق بينهما في أصل كيفيّة الاستعمال.
نعم ربّما يحصل الفرق بينهما في جهة اخرى عن الاستعمال في معنيين بالمعنى المبحوث عنه ، وهو أنّه يعتبر في التثنية جريان الحكم على المعنيين بطريق الانضمام والاجتماع ، لا بمعنى كون كلّ منهما جزءا من المجموع لينافي الفرض ، بل بمعنى جريان الحكم عليهما بطريق المعيّة ، مع كون كلّ موردا له بالاستقلال ، ولا يعتبر ذلك في المفرد ، فقولك : « رأيت عينا » عند إرادة الذهب والفضّة مثلا يصدق مع وقوع الرؤية على كلّ منهما بطريق المعيّة أو على الانفراد مع تقدّم رؤية الذهب أو بالعكس ، وقولك : « رأيت عينين » يقتضي وقوعها على كلّ منهما حال كونهما معا.
وعلى هذا فقولك : « ائتني بعينين » يقتضي اعتبار الإتيان بهما في حصول الامتثال ، وإن كان الإتيان بكلّ مكلّفا به على حدّة.
وهذا كما ترى حكم آخر واعتبار زائد على ما فرض من استعمال المشترك