والظاهر أنّ مرادهم من كفاية الاتّفاق في اللفظ صحّة وقوع لفظ المفرد على كلّ من الشيئين أو الأشياء بالاشتراك المعنوي ، كما لو كانا فردين أو أفرادا من معناه الحقيقي أو الادّعائي كفردين من الرجل الشجاع إذا اريدا من أسدين ، أو بالاشتراك اللفظي كما في « عينين » و « زيدين » أو بالحقيقة والمجاز كما في « قمرين » و « حسنين » و « عمرين » و « أبوين » أو بالمجاز فيهما معا كما في « خافقين » للمغرب والمشرق ، فإنّ « الخافق » من خفق النجم بمعنى غرب ، كنّى للمغرب من باب إطلاق اسم الفاعل على معنى اسم المفعول ، لأنّ المغرب على المعنى المذكور مخفوق فيه ، وكذلك إن أخذناه من خفقة بمعنى النعاس ، ثمّ غلّب بعد ذلك على المشرق فهذا مجاز في مجاز من باب سبك المجاز من مجاز.
فمرجع المعنى الثالث باعتبار وضع التثنية والجمع على القول الثاني إلى المعنى الثاني على معنى كون إطلاق « قمرين » مثلا باعتبار الوضع المذكور على الحقيقة وإن لزمه التجوّز في المفرد بالاستعارة أو غيرها لإحدى العلاقات المعتبرة بالنسبة إلى أحد المعنيين ، لوضوح أنّ مرجع القول المذكور إلى كون التثنية بحسب الوضع لشيئين متّفقين في اللفظ مطلقا ، سواء كانا فردين من معنى المفرد حقيقة أو مجازا أو معنيين مستقلّين ، مع كون كلّ منهما معنى حقيقيّا للمفرد أو أحدهما معنى حقيقيّا له والآخر معنى مجازيّا ، أو كلّ منهما معنى مجازيّا له كما في « خافقين ».
وقيل : بأنّه على القول الأوّل يلزم في مثل « زيدان » و « زيدين » مجاز واحد ، وهو تأويل الاسم أعني المفرد بالمسمّى اعتبار لكون المعنيين المتبائنين فردين من المسمّى ، وفي مثل « قمران » و « قمرين » مجازان ، لافتقاره أوّلا إلى استعارة اسم « القمر » لمسمّى الشمس ، ثمّ تأويله إلى المسمّى ليشمل كلاّ من المعنى الحقيقي والمجازي.
وفيه : أنّ التجوّز الأوّل في مثل « قمرين » لازم للقولين معا ، ولا اختصاص له بالقول الأوّل ، إذ لا مدخليّة فيه لوضع التثنية من حيث أنّها تثنية ولا لوضع الجمع من حيث إنّه جمع.