وأمّا التجوّز الآخر باعتبار التأويل بالمسمّى الّذي مرجعه إلى التصرّف في المادّة لا في الهيئة ، فيه وفي مثل « زيدين » فكونه بالخصوص لازما للقول الأوّل مبنيّ على كون وضع التثنية والجمع شخصيّا متعلّقا بأدواتهما ، مع القول بعدم جواز استعمال المشترك في التثنية والجمع في أكثر من معنى ، إذ على الوضع النوعي المتعلّق بالهيئة يلزم التجوّز في الهيئة لا في المادّة ، باستعمال الهيئة الموضوعة للفردين أو الأفراد من ماهيّة واحدة في ماهيّتين ونحوهما ممّا ليسا فردين من معنى المفرد بإحدى المناسبات المعتبرة ، كما أنّه على القول بجواز الاستعمال في أكثر من معنى يراد نفس المعنيين أو المعاني من مدخول العلامات بلا افتقار إلى التأويل بالمسمّى ، وإن لزمه المجاز في العلامات على القول المذكور ، لفرض وقوع استعمالها في مطلق التعدّد مع كونها موضوعة لتعدّد خاصّ وهو قصد الفرد.
وكيف كان : ففيهما خلاف آخر باعتبار اللفظ ، وهو كون الوضع فيهما نوعيّا متعلّقا بالهيئة التركيبيّة الحاصلة من لحوق الأدوات بالمفرد ، أو شخصيّا متعلّقا بالأدوات.
فاستظهر أوّلهما بعض الأعاظم مسندا له إلى ثلّة وقرّره بأن يقال ـ في التثنية مثلا ـ : كلّ ما كان آخر مفرده « ألف أو ياء » مفتوح ما قبلها ونون مكسورة فهو موضوع لفردين (١).
وصرّح بثانيهما بعض الأعلام (٢) وهو ظاهر بعض الفضلاء بل صريحه (٣) ويمكن ترجيح هذا القول بملاحظة مقدّمتين :
الاولى : ما تقرّر عندهم من أنّ الموادّ المجرّدة عن اللواحق من اللام والتنوين
__________________
(١) إشارات الاصول : ٢٩ ( الطبعة الحجرية ).
(٢) قوانين الاصول ١ : ٦٨ ( الطبعة الحجرية ) حيث قال : فإنّ الظاهر إنّ المجاز في التثنية والجمع إنّما يرجع إلى ما لحقه علامتهما لا إلى العلامة والملحق به معا ...
(٣) الفصول : ٥٥ ( الطبعة الحجرية ) حيث قال : « لنا : على عدم جوازه في التثنية والجمع حقيقة أنّ أداتهما إنّما تدلّ على فردين أو أفراد من معنى المفرد فمفادها التعدّد في أفراد مدلول المفرد ... الخ ».